كيف تكتب أهداف تعلُّم ناجحة؟
تصِف أهداف التعلُّم النتائج المرجوة من برنامج تعليمي، وفي حين قد تبدو تلك مهمَّة بسيطة، وهي كذلك بالفعل؛ إلا أنَّ صعوبتها تكمن في بساطتها، فأنت مقيد بعبارتين لتلخيص الهدف من برنامج التدريب تخليصاً يترك وقعاً لدى الموظفين؛ لكن قد تتساءل لِمَ عليك أن تكترث بشأن أهداف التعلُّم أصلاً، وما إذا كان في إمكان بضع كلمات إحداث فارق؛ الإجابة هي نعم، تلعب أهداف التعلُّم دوراً هاماً في التدريب وتساهم في نجاح الشركة.
أحياناً لا يتمكَّن الموظفون من فَهْم المغزى من التدريب، حينها تكون أهداف التعلُّم الواضحة أفضل طريقة لتشرح لهم الفوائد الملموسة لبرنامج التدريب، ومن ثم الحصول على موافقتهم وتفاعلهم، لكن لا تقلق، حتى لو لم تمتلك أي خبرة سابقة، سنشرح فيما يلي خطوات كتابة أهداف التعلُّم لتدريب الموظفين المبتدئين:
1. التوفيق بين أهداف التعلُّم وأهداف العمل:
الهدف من تصميم التدريب الإلكتروني هو تحسين أداء الموظفين؛ لذا يجب أن تكون أولى خطواتك التوفيق بين أهدافك التدريبية وأهداف عملك، وكبداية فكر في أهدافك للمستقبل، مثل ما الذي تتوقَّع أن تحققه شركتك خلال أشهر معينة، ثم فكر كيف سيساعد تدريب موظفيك على بلوغ شركتك لأهدافها، وبعد أن تنتهي من ذلك، عُد إلى أهداف الشركة العامة، وتأكد من أنَّ أهداف التدريب لا تزال متوافقة معها.
2. كتابة أهداف قصيرة وبسيطة:
تذكَّر في أثناء كتابة أهداف التعلُّم أن تبقيها قصيرة ومركزة؛ أي عبارة أو اثنتين كافيتان، وحاول أن تكون دقيقاً قدر الإمكان، ليس هنالك داعٍ لتدخل في تفاصيل المادة التعليمية؛ بل ركِّز فقط على نتائج التعلُّم، واستخدم مفردات بسيطة، وابتعد عن الخطابات المبالَغ بها، وإلا ستبدو أهداف التعلُّم أشبه بعرض مبيعات.
قد يساعدك على كتابة أهداف التعلُّم اتِّباعُ نموذج محدد؛ حيث يجب أن يتضمن هذا النموذج إطاراً زمنياً، لكن ليس بالضرورة موعد نهائي، وجمهور وإجراءات يمكن قياسها تصف نتيجة التعلُّم، وأي تفاصيل ضرورية لإكمال الوصف.
يجب أن تبدو أهداف التعلُّم للتعليم الإلكتروني كالتالي: عند نهاية هذا التدريب (إطار زمني)، سيتمكن مديرو المشاريع (الجمهور) من أداء (الإجراءات) المهام بفاعلية أكبر (تفاصيل).
3. تحديد نقاط معينة:
يجب أن تتحدَّث أهداف التعلُّم عن نقطة محددة، وليس عن أهداف عامة للتعلُّم؛ إذ يحب الموظفون أن يعرفوا ما الذي يمكنهم توقعه من التدريب، ويُحبَّذ أن تكون النتائج متعلِّقة بحاجاتهم.
على سبيل المثال: إذا أردت أن تزيد المبيعات قد يخطر لك في البداية أنَّ الهدف التعليمي هو تحسين المبيعات، لكنَّ هذا أقرب إلى الهدف العام من التعليم، وفي هذه الحالة، كي تحسِّن المبيعات؛ عليك تحسين مهارات فردية عدة، قد تكون مثلاً المعرفة بالمنتج، أو تطوير مجموعة من المهارات الناعمة، لكنَّ عليك أن تعرف أولاً ما يحتاج إليه الموظفون.
مفتاح تحديد الفجوات المعرفية وكتابة أهداف تعلُّم ذات مغزى هو "تحليل حاجات التدريب" (Training Needs Analysis)؛ لذا خصص وقتاً لتقييم التعليم الإلكتروني أو مراقبة وأخذ الملاحظات في أثناء العمل؛ هذه هي الطريقة الوحيدة لتعرف أين يجب أن تركز تدريبك.
بعد ذلك ستكون أهداف التعلُّم على سبيل المثال: "بعد إجراء هذا البرنامج التدريبي للمبيعات، سيكون موظفو المبيعات قادرين على تحديد الاختلافات بين خط منتجاتنا الجديد وبين خط منافسينا"، وهذا الهدف أدق وذو معنى أوضح من مجرد "تحسين مهارات المبيعات".
4. الواقعية:
أن تطمح لأهداف عالية هو أسلوب ناجح في الحياة عموماً، لكن حين يتعلَّق الأمر بالتدريب فمن الأفضل اختيار أهداف تعلُّم واقعية؛ حيث ستساعدك نتائج تحليل حاجات التدريب على تقييم مستوى معرفة موظفيك، ثم يمكنك بعد ذلك تعديل أهداف التعلُّم وفقاً لها، والذي سيساعدك بدوره على التعبير عنها بوضوح أكبر؛ لذا حاول أن تعمل على تحدي موظفيك دون ثنيهم عن التفاعل، كما يجب أن تكون حذراً بشأن كمية المعلومات التي تُضمِّنها في برنامج التدريب.
سيصعب عليك معرفة ما إذا كانت أهداف التعلُّم واقعية دون امتلاك خبرة في "التعلُّم والتطوير" (L&D)، لكن هناك طريقة موثوقة لمعرفة ما إذا كانت أهدافك التعليمية واقعية وهي عبر إنشاء تقييمات للتعليم الإلكتروني باستخدام برامج "أنظمة إدارة التعلُّم" (LMS)، فإذا لاحظت معدلات فشل مرتفعة؛ يجب عليك إعادة التفكير في خطتك التدريبية وتحديد أهداف تعلُّم جديدة، كما يمكنك مراقبة سلوك المتعلِّمين باستخدام أدوات إعداد التقارير في أنظمة إدارة التعلُّم، فإذا كانوا ينهون الجلسات بسرعة وينجحون في الاختبارات، قد تكون حدَّدتَ أهدافاً ضعيفة.
5. استخدام تصنيف بلوم لأهداف التعلُّم:
طوَّر عالِم النفس التربوي الأمريكي "بنجامين بلوم" (Benjamin Bloom) "تصنيف بلوم لأهداف التعلُّم" (Bloom’s Taxonomy) في عام 1956، وهو تصنيف قائم على العملية الإدراكية التي تحصل، فكل هدف يقابله مستوى تعلُّم.
غالباً ما يستخدم خبراء التعلُّم والتطوير هذا التصنيف كدليل في أثناء كتابة أهداف التعلُّم؛ لذا دعنا نطَّلع على الأهداف الستة في تصنيف بلوم لأهداف التعلُّم وبعض الأفعال المرتبطة بكل منها، ولاحظ أنَّ هذه القائمة ليست شاملة، ويمكنك العثور على أمثلة لأهداف التدريب والأهداف العامة باستخدام هذه الأفعال:
- التذكُّر: الأفعال هنا هي: "تعرَّف إلى وتذكَّر واسترجِع وعدِّد وسمِّ وعرِّف واربط"؛ يتطلب التذكُّر من المتعلِّم أن يسترجع معرفة مكتسبة سابقاً، على سبيل المثال: الهدف في نهاية تدريب الأمان هو أن يتمكَّن الموظفون في المستودعات من تعداد المخاطر الخمس الأكثر شيوعاً في بيئة المستودع.
- الفَهْم: الأفعال هنا هي: "فسِّر وحدِّد وصنِّف واشرح ولخِّص"؛ يجب أن يكون الموظف قد فَهِمَ المعلومات بما يكفي كي يشرحها للآخرين، على سبيل المثال: يكون الهدف خلال تدريب أمن المعلومات أن يتعلَّم الموظفون التعرف إلى الأخطار الأمنية المنتشرة.
- التطبيق: الأفعال هنا هي: "نظِّم وخطِّط وطبِّق ونفِّذ وحل"؛ في هذا المستوى يستخدم المتعلِّمون المعلومات للانتقال من المعرفة النظرية إلى التطبيق العملي، على سبيل المثال: قد يكون الهدف في نهاية تدريب الإدارة أن يتمكَّن العاملون عن بُعد من تنظيم واجباتهم بفاعلية.
- التحليل: الأفعال هنا هي: "صنِّف وبسِّط وعدِّد وفرِّق وقارِن"؛ يستطيع المتعلِّم الآن تحليل المعلومات إلى مكوناتها وتحديد العلاقة بينها، على سبيل المثال: يجب أن يتمكَّن فني المعلومات الصحية من تصنيف بيانات المرضى بعد إجراء تدريب ناجح على استخدام برنامج حاسوبي.
- التقييم: الأفعال هنا هي: "اختر وقارن وقِس وقرر وادحض وفسِّر ورتِّب تبعاً للأولوية"؛ في هذا المستوى يستطيع المتعلِّمون إطلاق الأحكام واتخاذ القرارات وفقاً للمعرفة التي اكتسبوها، على سبيل المثال: قد يتعلَّم مدير مشروع أن يرتِّب مهامه وفقاً لأولويتها، أو قد يصبح باستطاعة اختصاصي الجودة أن يحدد نوعية المنتج تحديداً صحيحاً.
- الإنتاج: الأفعال هنا هي: "طوِّر وصمم وحسِّن وحل وعدِّل وأدِّ"؛ يجب أن يتمكَّن المتعلِّمون الآن من إنتاج شيء جديد عبر الجمع بين كافة المعارف التي اكتسبوها سابقاً؛ على سبيل المثال: قد يصبح في إمكان مدير المبيعات أن يطور خطة مبيعات استراتيجية، أو أن يتمكَّن موظف الموارد البشرية من حل خلاف في مكان العمل.
6. اختيار الفعل المناسب:
يجب أن تحفِّز أهداف التطوير والتعليم الموظفين ليشاركوا في التدريب عبر الإشارة بوضوح إلى نتائج التعليم، ويحدد الفعل الذي تستطيع استخدامه لوصف أهداف التعلُّم مدى وضوحها.
لذا تجنَّب الأفعال العامة مثل: "تعلَّم" و"افهم" و"كن على دراية" وغيرها، وعوضاً عن ذلك اتجه نحو أفعال الحركة المحددة والقابلة للقياس، واستخدم تصنيف بلوم للعثور على الفعل الذي يناسب النتيجة التي ترغب في تحصيلها من التعلُّم؛ على سبيل المثال: عوضاً عن قول: "سيكون الموظفون قادرين على فَهْم إجراءات إدارة النفايات"، استخدم: "سيكون الموظفون قادرين على تطبيق إجراءات إدارة النفايات".
تُوصِل هاتان الجملتان الفكرة ذاتها، لكنَّ الثانية فقط تنجح في ذلك بفاعلية؛ وذلك لأنَّ فعل "يفهم" عام ولا يمكن قياسه ويفتح مجالاً للمزيد من الأسئلة، فحتى لو فَهِم الموظفون أمراً، يجب أن تحدد ما عليهم فعله بهذه المعرفة والفهم، بينما الفعل "يطبق" محدد ويشرح ما الذي سيتمكَّن الموظفون من فعله تماماً، ويمكنك خلق بيئة تحاكي الموقف لاختبار ما إذا كانوا بالفعل قادرين على تطبيق إجراءات إدارة النفايات.
في الختام:
قد تظن أنَّ برامج التدريب عالية الجودة تعبِّر عن نفسها، ولكنَّ هذا غير صحيح؛ حيث يمكنك أن تضيف أحدث التقنيات، لكن ما لم توضِّح للمتعلِّمين كيف سيستفيدون من التدريب، فلن يشاركوا فيه أو يتفاعلوا معه؛ لذا يجب أن تكون الأهداف المحددة والقابلة للقياس جزءاً من خطتك للتدريب؛ فأخرِج ورقة وقلماً، واكتب أهداف تعلُّم ستساعدك على رسم مسار واضح وشد اهتمام موظفيك.