واحدةٌ من أكثر العادات المدمِّرة التي كنت أقوم بها لفترة طويلة، والتي أعتقد أنَّها شائعة جداً لدى العديد من الناس، هي: "عادة توقُّع الكوارث والخوف من حدوثها".
ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب الأمريكي هينريك إيدبرج (Henrik Edberg)، والذي يحدثنا فيه عن التغلب على عادة توقع أسوأ السيناريوهات.
ما هو الخوف من حدوث الكوارث؟
هو ما تشعر به عندما تتوقَّع الأسوأ، وتعتقد أنَّ كلَّ شيءٍ يسير بشكلٍ خاطئٍ تماماً في بعض المواقف، وتتخيل حدوث كارثةٍ كبيرةٍ لا وجود لها سوى في مخيلتك.
قد يكون لديك موعدٌ لعرضٍ تقديمي غداً، فيبدأ عقلك في تأليف سيناريو تشاؤمي، وتتخيل أنَّك نسيت ملاحظاتك في المنزل، وبدوت كالأحمق، وأُحرِجت أمام الشركة بأكملها، وظلَّ رئيسك في العمل يوبِّخك لمدة 20 دقيقة بعد الاجتماع.
إنَّه سيناريو مخيفٌ بالتأكيد، ويستنزف طاقتك وأعصابك؛ رغم أنَّه غير حقيقي.
لذا دعوني أشارككم 7 خطوات ساعدتني حقاً، وعلَّمتني كيف أتعامُل مع هذا الأمر:
1. لا تصغِ إلى ناقدك الداخلي:
يوجد بداخلك -وبداخل كلٍّ منَّا- صوتٌ ناقدٌ يحاول ترهيبك ودفعك إلى توقُّع الأسوأ، ويقول لك:
- "سوف تفشل، لأنَّك تفشل دائماً".
- "لم تستعد بما يكفي".
- "لن يكون رئيسك مسروراً بعرضك التقديمي لسببٍ أو لآخر".
- أو ربَّما كلَّها معاً.
لذا حاول التخلُّص من هذه الأفكار سريعاً، ولا تصغِ إلى هذا الصوت، واصرخ بمجرد ظهور هذه الأفكار في ذهنك قائلاً: "لا، لن يتكرَّر هذا مرة أخرى"؛ إذ سيؤدي هذا إلى قطع سلسلة الأفكار التشاؤمية، ويساعدك على الشعور بالتوازن مرَّةً أخرى.
2. ركِّز على تنفُّسك:
استرخِ قليلاً بعد أن تنتهي من الخطوة الأولى المذكورة أعلاه، وركِّز على تنفُّسك فحسب.
سيؤدي ذلك إلى تخليص جسدك من الإجهاد، ويساعد عقلك على التفكير بوضوحٍ أكثر، والعودة إلى ما يحدث في اللحظة الراهنة بدلاً من شغل تفكيرك بسيناريوهاتٍ كارثية مستقبلية.
3. فكر في الماضي لتقصِّي الحقيقة:
فكِّر فيما حدث في الماضي وتساءل: كم مرة تحقَّقت تلك السيناريوهات الكارثية التي تصنعها مخيلتك؟
أعتقد أنَّ الإجابة ستكون: "لم تتحقق على الإطلاق"، أو "حدث لمرَّات قليلة فقط"؛ لذا، ذكِّر نفسك بالحقائق الفعلية التي حدثت في الماضي، واهدأ، واستعد تركيزك مرة أخرى.
4. ناقش الأمر مع صديق:
لقد ساعدتني الخطوات الثلاث الأولى على التوقف عن توقع الأسوأ والتفكير بهدوء ووضوح أكبر في العديد من المواقف في حياتي الخاصة؛ ولكن لم يكن هذا يكفي أحياناً، إذ تبدأ بعض الأفكار السلبية والتوترات الداخلية في التراكم مرَّة أخرى.
إذا حدث ذلك، فإنَّ الشيء الوحيد الذي أحبُّ القيام به: صرفُ انتباهي عن هذه الأفكار، والتحدث إلى شخصٍ قريب مني؛ إذ أتمكَّن من خلال القيام بذلك، وبمجرَّد التنفيس عمَّا يجول في خاطري، ووجود شخصٍ يصغي إليَّ لبضع دقائق؛ من رؤية الموقف على حقيقته، وإدراك أنَّ عقلي يفتعل جَلَبَةً بلا داعٍ؛ فأهدأ.
يساعدني هذا على التركيز على الواقع مرَّة أخرى، كما ساعدني مراراً على إيجاد حلٍّ أو خطوةٍ أستطيع اتخاذها لتغيير هذا الوضع إلى الأفضل إذا لزم الأمر.
5. لا تهوِّل الأمور:
لقد ساعدني شيءٌ آخر كثيراً على التخلُّص من هذه العادة المُدمِّرة، وهو أن أطرح على نفسي سؤالاً يتيح لي تكبير الصورة في ذهني ومعرفة ما إذا كنت أضخِّم الأمر وأعطِيه أكثر ممَّا يستحقه أم لا.
لذلك أَسْأَلُ نفسي: "هل سيؤثِّر هذا القرار في حياتي تأثيراً ملحوظاً على مدار السنوات الخمسة القادمة؟ أو حتى بعد خمسة أسابيع؟".
عادةً ما يكون الجواب "لا"؛ فعلى الرغم من أنَّك قد تشعر في البداية أنَّ هذا الموقف أو هذه الفكرة ربَّما ستُدمِّر حياتك بأكملها، إلَّا أنَّ هذا الشعور ليس حقيقياً، بل إنَّه يتسلل إليك فقط عندما تكون متوتراً وقلقاً.
6. توقَّف عن التفكير حينما تدرك أنَّك لا تستطيع التفكير بوضوح:
عندما أكون جائعاً أو بحاجةٍ إلى النوم أو الحصول على قسطٍ من الراحة، أعرف أنَّني أكثر عُرضةً إلى أفكار كارثية ومتشائمة. ماذا أفعل إذاً؟
أقول لنفسي: "لا، لن أفكر في هذا الأمر الآن، بل سأفكِّر فيه لاحقاً، وذلك بعد الحصول على قسطٍ من النوم أو تناول بعض الطعام".
صدِّق أو لا تُصدِّق، يساعدني فعل هذا الشيء البسيط كثيراً في تحرير عقلي من الوقوع ضحية للأفكار المتشائمة؛ ذلك لأنَّه عندما أشعر بالشبع أو أرتاح جيداً، أدركُ أنَّ مشكلتي صغيرة غالباً، وربَّما تتلاشى تماماً عند إعادة النظر فيها بتفكيرٍ واضح.
أو سأتمكَّن -على الأقل- من العثور على حلٍّ أو خطَّة لتحسين الأمور إذا كان هناك بالفعل تحدٍّ حقيقي يتعيَّن عليَّ مواجهته.
7. قلِّل من أيِّ مدخلات تتسبَّب في تخيُّلك لسيناريوهات كارثية:
نعلم جميعاً أنَّ كلَّ ما نصادفه على مدار يومنا من أشخاصٍ ومصادر مُتعدِّدة مثل: التلفاز، ووسائل التواصل الاجتماعي، ومواقع الويب، أو المنتديات المختلفة؛ يُخزَّن في عقلنا دون أن نشعر، ممَّا يؤثِّر تأثيراً بالغاً في تفكيرنا.
لذا، كُن حذراً بشأن ما يُخزِّنه ذهنك على مدار اليوم أو الأسبوع، واسأل نفسك: "هل هناك شخصٌ أو مصدرٌ في حياتي يؤثِّر في تفاقم مشكلتي في توقُّع حدوث الكوارث؟"، فقد يكون ذلك مثلاً: شخصاً متشائماً للغاية، أو أخباراً عبر الإنترنت، أو منصَّات التواصل الاجتماعي التي قد تغذِّي عقلك بالكثير من السلبية.
إذا وجدت شيئاً من هذا القبيل، فاسأل نفسك: ما الذي يمكنني فعله هذا الأسبوع للحدِّ أو إلغاء الوقت الذي أقضيه مع هذا الشخص أو المصدر؟ ثمَّ اتخذ إجراءً بشأن ذلك، واقضِ الوقت الذي حدَّدته خلال هذا الأسبوع بالتواصل مع أكثر المصادر أو الأشخاص تفاؤلاً في حياتك.
افعل ذلك في الأسابيع أو الأشهر القادمة لتأسيس بيئةٍ صحية لنفسك وعقلك شيئاً فشيئاً.