هل تحب عملك؟ هـل أنت سعيد بوظيفتك؟ هل تعتقد أنك في المكان المناسب؟ هل تشعر بالرضا الوظيفي؟
كم مرة استيقظت في الصباح ويعتريك شعور بأنه يجب عليك ترك العمل؟!
كم مرة استيقظت بكل همة ونشاط وأنت متحمس للذهاب إلى عملك الذي تحبه؟
كن صريحًا مع نفسك؛ حياتك المهنية لا تقل أهمية عن حياتك الاجتماعية، وشعورك بالرضا والسعادة تجاه عملك أمر ضروري وليس رفاهية.
ما هو مفهوم الرضا الوظيفي؟
الرضا الوظيفي هو ذلك الشعور الإيجابي الذي يشعر به الشخص تجاه عمله.
يُعرف الرضا الوظيفي بأنه مزيج من الظروف النفسية والبيئية والفسيولوجية التي تجعل الموظف يشعر أنه راضٍ عن وظيفته.
بعبارة أخرى، يشير الإشباع الوظيفي إلى التقييم الذاتي الذي يقوم به الموظف تجاه عمله، سواء كان تقييمًا كاملًا أو يتعلق بعناصر محددة.
أهمية الرضا الوظيفي للعاملين
يعد الإشباع الوظيفي للعاملين أحد أهم أهداف قسم الموارد البشرية التي تسعى إليها أي مؤسسة.
وتكمن أهمية الرضا الوظيفي للعاملين في كونها المحرك الأساسي لتغيير سلوك الموظف وتحسين أدائه.
فوائد الرضا الوظيفي
يحقق الإشباع الوظيفي العديد من المكاسب التي تعود بالنفع على أصحاب الأعمال وكذلك الموظفين، ومنها:
- زيادة الأرباح
الرضا الوظيفي للعاملين ينعكس بشكل مباشر على أرباح المؤسسة، إذ يزيد شعور الرضا عند الموظف من رغبته في زيادة المبيعات.
- زيادة الإنتاجية
إذا شعر الموظف بالرضا تجاه عمله، فلا ينتظر محفزات خارجية؛ ومن ثَم تزيد إنتاجيته بشكل تلقائي كتعبير عن الامتنان.
- الانتماء
يحرص الموظف على بذل كل الجهد اللازم إذا وصل إلى مرحلة الرضا الوظيفي الكامل تجاه عمله.
ويزيد شعور الانتماء لديه كلما أدرك أنه سيجني ثمار ذلك المجهود المبذول، وكأنه شريك في العمل وليس مجرد موظف.
- انخفاض نسبة تغيير الموظفين
كلما زاد الإشباع الوظيفي للعاملين قلت فرصة تركهم لعملهم، الأمر الذي يزيد من استقرارهم، ويشجع آخرين من ذوي الكفاءة العالية على الانضمام للشركة.
عناصر الرضا الوظيفي
ظروف العمل المحيطة
تعد الظروف المثلى للعمل من أهم عوامل الرضا الوظيفي لدى العاملين بالمؤسسة.
إذ يقضي الموظف أغلب وقته في الشركة أو المكتب أو المصنع، ومن ثَم فمن الجيد أن تُهيأ له كل سبل الراحة، مثل: المساحة المناسبة، والإضاءة الجيدة، ونظافة المكان.
ومن المعلوم أن بعض الأعمال تتطلب العمل خارج المكتب، لذا؛ يجب أن تُوفر للموظف وسائل النقل الآمنة، وأن يحصل على امتيازات أخرى مقابل المجهود الإضافي المبذول.
ثقافة الشركة
من الضروري أن تحدد هوية الشركة وثقافتها بما يتناسب مع عادات وتقاليد موظفيها.
تظهر ثقافة بيئة العمل في تحديد الأهداف وتمرير الثقافة التنظيمية بين الموظفين، والتي يجب أن تتفق مع القيم العامة لدى كل العاملين بالمؤسسة.
واعلم أن توحيد ثقافة عامة للشركة من شأنه أن يرفع مستويات التفاعل بين الموظفين، ويزيد من الرضا الوظيفي لديهم.
التطوير الوظيفي
يشعر الموظف بمزيد من الرضا إذا علم أن هناك خطة لتطوير كل شخص على حدة طبقًا لقدراته ومهاراته.
فمن أهم أسباب عدم الرضا الوظيفي أن يشعر الشخص أنه لا يكتسب مهارات جديدة في المكان الذي يعمل به.
لذا؛ تسعى الشركات التي تولي الاهتمام بموظفيها إلى توفير برامج التنمية والتطوير باستمرار.
الدور القيادي للمدراء
القيادة الحكيمة للمدراء لها بالغ الأثر في تعزيز الإشباع الوظيفي لدى الموظفين.
قد توفر الشركة كل سبل الراحة لموظفيها، لكن علاقة غير جيدة مع مدير لا يحسن التعامل مع الموظفين قد تكون كافية للشعور بعدم الرضا الوظيفي.
يعد اختيار المدير المناسب والكفء من أهم أولويات صاحب العمل كي يحافظ على رضا موظفيه.
العائد المادي
رغم تعدد عناصر الرضا الوظيفي، فإن العائد المادي ما زال من أهم العناصر التي تساعد على شعور الموظف بالرضا.
يجب أن يحرص صاحب العمل على توفير الراتب المناسب للموظف مقارنة بالشركات المنافسة، مع وضع الجهد المبذول في الاعتبار.
المكافأة والتقدير المعنوي
يختلف الأمر كثيرًا بين حصول الموظف على راتبه الثابت؛ وبين نيله مكافأة مادية غير متوقعة تقديرًا لمجهوداته.
فالحوافز المادية لها وقع جيد على الموظف؛ إذ تشعره بأهمية وجوده وباهتمام المؤسسة بعمله.
قد يكون التقدير معنويًّا وليس فقط ماديًّا؛ إذ تزيد كلمات الثناء والمديح (وغيرها من الأمور المعنوية) من مشاعر الرضا لدى الموظف.
ضغط العمل والأعباء اليومية
تعد الضغوطات اليومية في العمل من أهم أسباب عدم الرضا الوظيفي، إن لم تكن أهمها على الإطلاق.
تختلف الأعباء باختلاف نوعية العمل المطلوب؛ لذلك يجب الحذر من زيادة الضغوطات على الموظفين الأكثر عرضة لذلك في أعمالهم.
فالالتزام بعدد ساعات العمل وحفظ حقوق الموظفين في الحصول على إجازتهم من الأمور التي لا يجب المساس بها.
العلاقات بين الموظفين
يُعد التواصل الجيد بين الموظفين من أهم عوامل الرضا الوظيفي، كما يزيد من شعور الألفة والانسجام بينهم.
وتساعد العلاقات الاجتماعية والمهنية بين زملاء العمل على خلق روح أفضل للشركة، ما يزيد من الإنتاجية ومن ثم يعود بالنفع على الجميع.
لذا؛ يُعد الاحترام المتبادل بين الموظفين والبعد عن العدائية والتنافس غير الشريف من أهم سمات بيئة العمل الصحية.
الأمن الوظيفي
لا شك أن الشعور بالأمان في العمل أمر شديد الأهمية، والمقصود بالأمن الوظيفي هو احتمالية أن يحتفظ الشخص بوظيفته من عدمها.
يعتمد الأمن الوظيفي على الاستقرار في الشركة والشفافية في التعامل؛ مع تَوفر خطط طويلة الأجل تحفظ للجميع مكانهم.
الاستقلالية
تسمح الاستقلالية في اتخاذ القرارات وطرح الأفكار بمزيد من الإبداع والتميز، الأمر الذي يؤدي إلى الشعور بالرضا الوظيفي.
التوازن بين العمل والحياة
يؤثر الفصل بين الحياة العملية والحياة الشخصية في الصحة النفسية لدى الموظف.
فقد يكون الشخص سعيدًا في حياته المهنية، ولكن عدم تلبيته للاحتياجات الأسرية قد يؤثر بالسلب في حياته العملية، لذا من المهم خلق ذلك التوازن.
يقدر أصحاب الأعمال الناجحون ذلك الأمر، وهو ما يدفعهم إلى تشجيع الموظفين على تحقيق ذلك التوازن مهما كلفهم.
قياس الرضا الوظيفي
هناك أساليب كثيرة لقياس الرضا الوظيفي، لكن يعد مقياس (ليكرت) الأكثر شيوعًا.
تعتمد الأساليب الأخرى على الاستبيانات والدراسات الاستقصائية، مثل: استبيان ولاية مينيسوتا للإشباع، وفحص الإشباع الوظيفي.
استراتيجيات تساعدك على تحسين الرضا الوظيفي
- أدرك قيمة عملك: فكر في المساهمة التي تقدمها للمجتمع.
- ساعد زملائك في العمل: فبذل مجهود إضافي لمساعدتك زملائك من شأنه أن يزيد شعورك بالرضا.
- تغيير المهام اليومية: حاول البحث عن المهام التي تظن أنها مجدية، وشارك فيها حتى ولو تطوعًا.
- اهتم بنفسك واحرص على تحفيزها بالرياضة والتغذية السليمة.
- كن ممتنًا: مشاعر الامتنان تساعدك على الرضا وعدم السخط.
- كن إيجابيًّا: التركيز على الإيجابيات وتجاهل السلبيات يزيد من شعورك بالرضا حتى ولو مؤقتًا.
- افعل شيئًا تحبه كل يوم: لا شئ يزيد من رضاك عن العمل أكثر من قيامك بشيء تحب أن تفعله كل يوم حتى ولو كان بسيطًا.
- طور علاقتك بمديرك: الحصول على الدعم من مديرك يزيد من إنتاجيتك؛ وهو ما يعزز شعورك بالرضا.
- تجنب المماطلة: كف عن قضاء المزيد من الوقت في الأعذار واللوم، واعمل على الانتهاء من مهامك الحالية.
- احصل على فترات راحة في أثناء العمل لتسترخي وتستعيد نشاطك من جديد.
- ضع لنفسك أهدافًا وخططًا صغيرة يوميًّا، واحرص على تحقيقها بعيدًا عن المهام الكبرى.
- احرص على قضاء الوقت مع زملائك الإيجابيين.
نظريات الرضا الوظيفي
نظرية لوك (نظرية التأثير) Lock’s range of affect theory
تعد هذه النظرية أكثر نماذج الرضا الوظيفي التي تحظى باعتراف الجميع، وترجع أصول تلك النظرية إلى العالم إدوين لوك (1976).
تعتمد نظرية لوك على حقيقة اختلاف القيم بين الأشخاص، ما يؤدي إلى اختلاف عوامل الشعور بالرضا.
رغم ذلك، تشير تلك النظرية إلى أنه كلما زادت عناصر الرضا الوظيفي زاد الشعور بالرضا لدى الشخص دون التطرق إلى قيمه الخاصة.
نظرية ماسلو (نظرية تسلسل الحاجات) Maslow’s needs hierarchy theory
تعتمد نظرية العالم (أبراهام ماسلو) (1954) على إشباع حاجات الشخص بشكل تدريجي.
كل إنسان له عدة احتياجات، وكلما أشبع بعضًا من حاجاته انتقل الفرد إلى حاجة أخرى بغرض إشباعها.
صنف ماسلو حاجات الشخص إلى خمسة مستويات بالترتيب: الحاجات الفسيولوجية، الحاجة للأمان، الحاجة الاجتماعية، الحاجة للتقدير، وأخيرًا الحاجة إلى تحقيق الذات.
يساعد العائد المادي والرعاية الصحية على إشباع الحاجة الفسيولوجية لدى الموظف.
ويتم إشباع الحاجة للأمان من خلال الأمن الوظيفي، إضافة إلى توفر شروط السلامة والصحة المهنية سواء الجسدية أو النفسية.
يسعى الشخص في البحث عن حاجته الاجتماعية في حال إشباع حاجاته الأساسية.
وتأتي حاجة الشخص للتقدير ثم حاجته لتحقيق الذات على قمة هرم الحاجات.
نظرية هيرزبرج (النظرية الثنائية) Herzberg’s motivator- hygiene theory
يتصور العالم (فريدريك هيرزبرج) أنه يجب تقسيم الرضا الوظيفي إلى نوعين: عوامل الرضا وعوامل الاستياء.
يطلَق على عوامل الرضا مصطلح آخر وهو المحفزات، وتشمل: العمل نفسه، الإنجاز، التقدم، المسؤولية، وكل ما له علاقة بمتطلبات الوظيفة الرئيسية.
في حين تشير عوامل الاستياء إلى الأمور المتعلقة بسياسة الشركة، مثل: المرتبات، الإدارة، العلاقات الشخصية، بيئة العمل.
نظرية الاستعداد الشخصي The dispositional approach
تستند تلك النظرية على وجهة نظر مختلفة، إذ ترتكز على الفروقات في المشاعر الإيجابية والسلبية بين البشر.
وقد أوضح الباحثون أربعة تقييمات ذاتية لقياس الاستعداد الشخصي تجاه الرضا الوظيفي: تقييم الذات، الكفاءة الذاتية، موضع التحكم (خارجي أو داخلي)، العصابية.
نظرية الخصائص الوظيفية The job characteristics model
يهدف نموذج خصائص العمل إلى تحديد الظروف التي يستوفي فيها الأشخاص عملهم، ويحفزهم على الأداء الفعال.
تشير تلك النظرية إلى خمس خصائص عمل رئيسية، هي: تنوع المهارات، هوية المهام، أهمية المهام، الاستقلال الذاتي، ردود الأفعال حول الأداء.
نظرية العدالة Equity theory
عُرضت نظرية العدالة في الستينيات من قبل عالم النفس (جون آدامز).
ترتكز هذه النظرية على تحقيق التوازن بين مدخلات الموظف مثل: (المجهود المبذول، مستوى المهارة، الحماس من أجل العمل)، ونواتجه مثل: (العائد المادي، التقدير المعنوي، الأمن الوظيفي).
نظرية معالجة المعلومات الاجتماعية The social information processing theory
نظرًا لأن الإنسان كائن اجتماعي، تقترح تلك النظرية أن الشخص يستمد رضاه عن العمل من شعور زملائه في العمل بالرضا الوظيفي.
نظرية تقرير المصير Self-determination theory
يحتاج الشخص إلى تلبية ثلاثة احتياجات لتحديد مصيره، وهم: الحاجة إلى الكفاءة، والاستقلال الذاتي، والترابط.
في النهاية عزيزي القارئ، احرص على أن تجعل الرضا الوظيفي هدفًا لك، واسعَ جاهدًا لتحقيقه.
ولا بد أن ترتب قائمة أولوياتك في اختيارك للعمل المناسب، وابحث عن الظروف الاجتماعية والنفسية والبيئية التي تزيد من شعورك بالرضا والسعادة في العمل.