يعدُّ الموظفون ذوو التحفيز العالي عنصراً ضرورياً لتحقيق النجاح في أي عمل تجاري، حيث يقضي معظم البشر ما يساوي ثلث حياتهم في العمل، وهذه فترة زمنية طويلة يقضونها بعيداً عن المنزل، وعن عائلاتهم والأشياء التي يحبون القيام بها؛ لذا فإنَّ الحفاظ على درجة تحفيز عالية عند الموظفين يُعَدُّ أمراً أساسياً لإنشاء بيئة عمل يحقق فيها الناس أفضل ما يمكنهم من نتائج؛ لكن، هل تعلم ما الذي يحفز موظفيك؟
لمعرفة ذلك، عليك أن تسأل الأسئلة التالية:
-هل عملهم يحفزهم؟
-هل يشكل تحدياً بالنسبة إليهم؟
-هل يمنحهم مجالاً للنمو والترقية؟
-هل يشجعهم على الإبداع؟
-هل يمكنهم التحدث معك بصراحة وصدق؟
-هل تطري عليهم؟
-هل تثق بقدرتهم على تولي مسؤولية عملهم؟
-هل يشعرون بالأمان في بيئة العمل الحالية؟
يسهم كلٌّ من هذه العوامل في تعزيز سعادة موظفيك، ممَّا يدفعهم إلى القدوم إلى المكتب يومياً والعمل بجد لتحقيق الأهداف والتوصل إلى نتائج ترضي الجميع.
من جهة أخرى، لا يشعر الموظف غير المتحفز غالباً بالسعادة، فيلجأ إلى أخذ مزيد من الإجازات المَرضية، ولا يهتم بتكريس وقته لرؤية أعمالك تنجح؛ كما أنَّه يبحث دائماً عن عمل أفضل.
تشير الإحصاءات إلى أنَّ 81% من الموظفين قد يفكرون في ترك وظائفهم التي يشغلونها اليوم إذا سنحت لهم الفرصة المناسبة لذلك؛ لذا فالأمر يعود لك كي تخصص وقتاً وطاقة لخلق بيئة عمل يستفيد منها كل فرد من موظفيك.
ستساعدك هذه الاستراتيجيات السبعة على تحفيز موظفيك باستمرار، ودفعهم إلى إنجاز عمل عالي الجودة، والاستمرار في العمل لصالحك لفترة طويلة:
1. كن شخصاً يمكنهم الاعتماد عليه:
أنت تعوِّل على حضور موظفيك إلى العمل كل يوم، وعلى أنَّهم سيلجؤون إليك عندما يواجهون مشكلة لا يمكنهم إيجاد حل مناسب لها، وعلى صدقهم وتعاملهم الاحترافي الدائم مع العملاء؛ لكنَّ هذا ليس عقداً من طرف واحد، فأنت أيضاً يجب أن تكون شخصاً يمكن الاعتماد عليه من قبل فريق عملك؛ لذا عليك أن تمنحهم الثقة بأنَّك ستدعمهم عندما يكون تصرف العميل غير منطقي؛ ذلك لأنَّك تعلم تماماً أنَّ القرارات التي يتخذونها ستكون لصالحك، ومن أجل إحراز النتائج الأفضل بالنسبة إليك.
إذا وعدت بأنَّك ستحضر اجتماعاً، فكن هناك في الوقت المحدد؛ وإذا كانت شركتك تحقق أرباحاً، ووعدتهم بمكافأة لقاء عملهم الجاد، فقدمها دون تردد؛ ذلك لأنَّ نوايا موظفيك الطيبة ليست شيئاً تود اختباره أبداً، ناهيك عن احتمال خسارتهم جراء ذلك.
فلتكن شخصاً يمكن الاعتماد عليه، وسترى كيف أنَّ لهذا تأثيراً مدهشاً في تحفيز موظفيك.
2. أنشِئ ثقافة رائعة للشركة:
لا يمكن لأحد أن ينكر بأنَّ ثقافة الشركة تتدرج من الأعلى إلى الأسفل؛ حيث تؤثر طريقة توليك القيادة ومواقفك تأثيراً كبيراً في مواقف وعمل وأخلاق وسعادة موظفيك؛ فإذا كنت شخصاً يسبب لهم الإرهاق الدائم، أو شخصاً متطلباً للغاية وغير منطقي، فسيسبب هذا جواً من التوتر في شركتك، وينعكس سلباً على مستويات تحفيز موظفيك.
لقد وجد استطلاع لمؤسسة (HAYS) بعنوان "ما يريده الناس في الولايات المتحدة"، أنَّ 47% من الموظفين الذين يبحثون عن عمل جديد، يقولون أنَّ ثقافة الشركة هي السبب الأساسي الذي يدفعهم إلى المغادرة.
في حال كان معدل دوران العمالة في شركتك مرتفعاً، فيجب عليك أن تعرف ما إذا كانت ثقافة الشركة هي العامل الذي يتسبب بحدوث معدل دوران العمالة المرتفع هذا.
فيما يأتي أربع طرائق لبناء ثقافة تُمكِّنك من الحفاظ على درجة عالية من التحفيز لدى موظفيك:
2. 1. انتبه إلى الصورة التي تقدمها:
يمكن أن يكون للغة جسدك وموقفك تأثير إيجابي أو سلبي في موظفيك؛ لذا فلتأتِ إلى العمل وأنت مفعم بالطاقة والتفاؤل والود وحس التشاركية، والذي سينتقل إلى الموظفين ويحفزهم ليكونوا أكثر إنتاجية وكفاءة.
2. 2. قدِّر موظفيك جيداً وكن عقلانياً:
احتفِ بإنجازات فريق عملك، وأخبرهم إذا كانوا يقومون بعمل جيد، وشجعهم على تحدي أنفسهم وتجريب أشياء جديدة، وكافئهم أيضاً عندما يقومون بما يستحق المكافأة؛ وفي حال كانوا يكافحون للحصول على شيء ما، فساعدهم، واعملوا معاً لإيجاد حلول، ولتكن الصوت الذي يعكس أفكارهم.
2. 3. كن مرناً:
امنح موظفيك فرصاً للعمل عن بعد، وهذا أمر بالغ الأهمية لتحفيز الموظفين، خاصة الشباب منهم؛ فهؤلاء لا يريدون أن يعلقوا في زحمة المرور كل يوم عند ذهابهم إلى العمل، ولا يرغبون أن تفوتهم مباريات أطفالهم في البيسبول أو تدريباتهم للباليه.
تُظهِر الإحصائيات أنَّ الشركات التي تُظهِر مرونة في ساعات العمل وتمنح موافقة على العمل من المنزل أو المقهى يكون موظفوها أكثر سعادة وإنتاجية.
2. 4. أنشئ بيئة عمل تناسب الموظفين:
هي مساحات ملهمة تلهب الخيال، فعلى سبيل المثال: هل سبق وأن زرت مقر شركة جوجل (Google)؟ إذا فعلت، فربَّما قد أدركت أنَّه لا يشبه أي مقر عمل آخر؛ فهو مليء بالمنزلقات الداخلية، وشاحنات الطعام، والأراجيح، والسماعات الغريبة المعلقة على جدران حجرات العمل، وغرف الألعاب، والحدائق الداخلية الهادئة.
هناك شيء مخصص لكل فرد، وهذا هو المكان الذي يريد الناس أن يكونوا فيه؛ فهو يلبي احتياجاتهم في الإبداع أو الهدوء أو تأسيس فريق عمل، ويحتوي على كل شيء يريدونه.
لذلك، تمعن في ثقافة شركتك، واسأل نفسك: هل تُعدُّ شركتي مكاناً يجذب المحترفين والموهوبين للعمل فيه؟ وهل تلهم الموظفين للالتزام وتحفزهم؟ وماذا يمكنني أن أفعل لتحسين ثقافة شركتي؟
3. استطلع آراء موظفيك أسبوعياً:
خصص وقتاً لتقضيه مع موظفيك؛ فسواء كنت تدير عملاً عن بعد أم تعمل في مكتب، فعليك تخصيص وقت أسبوعي للتحدث مع الناس وجهاً لوجه، وهذا شيء لا بد من القيام به.
يُنجَز العمل عندما يكون التواصل بينك وبين الموظفين أمراً دائماً، فقد وجدت دراسة أجرتها مؤسسة جالوب (Gallup) أنَّ 26% من الموظفين قالوا أنَّ التغذية الراجعة الصادرة عن قادتهم تساعدهم على القيام بعمل أفضل.
كل ما يريده الموظفون هو أن يشعروا أنَّهم موثوقون، ويمكنهم تولي مسؤولية العمل؛ لكنَّ أكثر ما يحتاجونه هو معرفة أنَّهم يستطيعون التواصل معك والحصول على إجابات عن أسئلتهم في حال وجودها؛ إذ سرعان ما سيفقد أعضاء فريقك التحفيز ويتحول العمل ليصبح في حالة ركود ويتوقف عن النمو والتطور إذا لم تكن راغباً في التواجد والتواصل معهم.
لذا، خصص وقتاً أسبوعياً للتواصل مع موظفيك، حتى لو كان ذلك لإعلامهم بالأمور التي يجب أن يعملوا عليها.
4. امنحهم الأدوات التي يحتاجونها لأداء وظائفهم بطريقة جيدة:
تخيل أن تضطر إلى القيام بعملك في ظل انقطاع الكهرباء اللازمة لشحن أجهزة تواصلك، فكيف ستتصل بعملائك؟ وماذا سيحدث إذا نفدت بطارية هاتفك أو جهاز كمبيوترك المحمول؟
يُعدُّ دور التكنولوجيا بالغ الأهمية لتحقيق النجاح في أعمالك، حيث توفر لك مساحة لتعمل بكفاءة أكبر، ولتكون أكثر إنتاجية وتتعامل مع المشكلات بفاعلية أكبر في أثناء سير العمل؛ لهذا السبب تحتاج إلى أن تمنح موظفيك كل الأدوات التي تسهل عليهم القيام بوظائفهم.
احرص على أن تكون حالة هذه المعدات جيدة للقيام بالعمل، فلا يوجد ما هو أكثر إحباطاً من كمبيوتر محمول يستغرق وقتاً طويلاً في عملية بدء التشغيل، حيث يتوجب عليك استبدال هذا الجهاز سريعاً؛ كما يتوجب عليك استبدال البرامج القديمة ببرامج جديدة، إذ عليك ألَّا ترغم مصمم شركتك على العمل باستخدام برنامج كوريل دراو (CorelDRAW) مثلاً، بل امنحه حق الوصول إلى أحدث إصدارات حزمة برامج أدوبي كرييتف (Adobe Creative Suite)، بل واشترِ له اشتراكاً في موقع شاترستوك (Shutterstock) أو موقع جيتي إيميجز (Getty Images).
فلتجعل العمل لصالحك تجربة ممتعة بدل أن يكون تجربة مؤلمة، وسترى كيف ترتفع مستويات التحفيز لدى موظفيك.
5. وفر لهم فرصاً للتعلم وتحسين المهارات:
هل تصدق إذا علمت أنَّ 33% من الناس يشيرون إلى أنَّ الملل في العمل والحاجة إلى وجود تحديات جديدة هما من أولى المسببات التي يدفع الموظفين إلى التخلي عن وظائفهم؟ فإذا كنت ترغب بالحفاظ على المواهب في شركتك، فما عليك سوى تدعيم مهاراتهم.
نحن نعيش بفضل التكنولوجيا في عالم سريع التطور، ويتطلب منَّا التغيُّر باستمرار لمواكبته، فلم يعد مؤلف الإعلانات مجرد كاتب، بل يجب أن يكون خبيراً في تحسين محركات البحث (SEO)، وجوجل أدووردز (Google Adwords)، وإدارة علاقات العملاء (CRMS)، والكثير غيرها؛ ويجب أن يكون طاهي المعجنات خبيراً في تصميم أشكال الطعام والتصوير وإدارة وسائل التواصل الاجتماعي؛ كما يحتاج رائد الأعمال إلى أن يكون مسوقاً، أو يتولى على الأقل مسؤولية الرسالة التسويقية لأعماله إذا كان يرغب في التوسع.
تساهم التكنولوجيا في جعل كل هذا ممكناً، حيث يمكن لموظفيك -بغض النظر عن موقعك- أن يوسعوا دائرة معارفهم باستمرار، ويكتسبوا مجوعات جديدة من المهارات؛ إذ لا شيء يحفز الموظفين على التطور سوى معرفتهم بأنَّهم سيجدون فرصاً للنمو وتطوير أنفسهم.
إذا لم تستثمر في شيء يفيد موظفيك، فسيصبح عملك مجرد وظيفة تساعدهم على كسب لقمة عيشهم حتى يجدوا مكاناً آخر يشعرون بالانتماء إليه فعلياً؛ لذلك فلتكن شركتك هي الشركة التي تقدِّر تطوير موظفيها حق قدره.
6. راقب عبء العمل المفروض على موظفيك:
لن يكون الموظف المرهَق منتِجاً وسعيداً؛ ذلك لأنَّه لا يستطيع أن يحافظ على كامل طاقته في كل يوم من كل شهر، ولا بد لنا من القيام بشيء حيال هذا؛ ذلك لأنَّ إنتاجيته ستنخفض، ويتراجع عمله في نهاية المطاف، ويؤثر سلباً في عملك.
ما يمكن فعله هو تطبيق "نظام إشارات المرور" فيما يخص أعباء العمل، حيث يساعد هذا على الإبقاء على وتيرة عمل جيدة، بحيث يكون لدينا الأوضاع الثلاث التالية:
-الأحمر: يعني أنَّ أعباءهم ثقيلة للغاية.
-الأصفر: يعني أنَّهم مشغولون، لكن قد يتحملوا مزيداً من المسؤوليات.
-الأخضر: يعني أنَّه ليس لديهم ما يكفي للقيام به.
يساعد استخدام هذا النظام في حال لم تكن تريد إجهاد أعضاء الفريق طوال الوقت؛ ذلك لأنَّهم لن يتخذوا قرارت جيدة، ولن يقوموا بعمل جيد إذا كانوا مرهقين.
إذا كان الموظف مثقلاً دائماً بأعباء العمل، فسيكون لديك أشياء كثيرة لتفكر فيها وتنظمها؛ فربَّما ستحتاج إلى توظيف شخص جديد للمساعدة في تخفيف العبء، أو إلى التحقق من المشاريع الجيدة التي يجب متابعة العمل عليها وتلك التي يمكن تأجيلها؛ وهذا هو سبب أهمية الاسترتيجية رقم 3؛ فإذا كنت تتواصل بانتظام مع موظفيك، ستعلم أنَّهم يتحملون أعباء عمل زائدة تؤثر في أدائهم وصحتهم، وتتخذ إجراءات فورية لحل هذه المشكلة.
7. لا تستهتر فيما يخص رواتب الموظفين:
لا تستهتر أبداً فيما يخص مسألة الرواتب، فقد يكون من السهل عليك كرب عمل أو مدير رفيع المستوى أن تنسى أنَّ معظم الناس يعيشون على رواتبهم التي يقبضونها كل شهر، ويمكن أن يتأخروا عن دفع فواتيرهم إذا تأخرت أنت بدفع تعويضاتهم، ممَّا يؤدي إلى فرض غرامات باهظة عليهم، أو قد يعرِّض رصيدهم الائتماني إلى نكسة لا يمكنهم تحملها؛ لذا فإنَّ مَهمَّتك هي الحرص على أن تدفع لموظفيك في الوقت المحدد.
أفكار أخيرة:
يعدُّ فريق العمل المُحفَّز ثروة لأي عمل تجاري، لكون هؤلاء الأشخاص لا يستسلمون أبداً؛ فهم يحافظون على حماسهم الذي يدفعهم إلى الحضور إلى العمل كل يوم واختبار كل نظرية جديدة، أو معالجة التحديات الصعبة خصوصاً، ودائماً ما يكونون فخورين بالعمل الذي يقومون به، والأهم هو أنَّهم لا يملكون سبباً للمغادرة.
ألا تفضل أن تكون جزءاً من قصة نجاحهم بدلاً من أن تكون السبب الذي يدفعهم إلى المغادرة؟