الاستثمار كان ولا زال المصدر الأول والأهم لبناء الثروات وإثراء الأفراد، وبطبيعة الحال هو أحد أهم العوامل المؤثرة على اقتصاديات الدول. فالدول التي تستثمر في مشاريع قومية ولديها أعداد كبيرة من المستثمرين على أراضيها (سواء كانوا مستثمرين محليين أو أجانب) تحقق مداخيل كبيرة من وراء تلك الاستثمارات وطفرات ملحوظة على مستوى النمو الاقتصادي.
ولكن ما يُهمك كفرد هو معرفة كيفية بناء ثروة شخصية من خلال الاستثمار سواء محليًا على أرض الوطن أو خارجيًا في إحدى البلدان الجاذبة للاستثمارات.
لتحقيق ذلك، يجب أن تعرف أولًا ما هو الاستثمار ومدى أهميته وما هي مخاطره وكيفية التغلب عليها، وما هيآليات العمل ومعايير الاستثمار التي يمكن الأخذ بها والاعتماد عليها لبدء رحلة استثمارية ناجحة وما هي أهم مجالات الاستثمار. كل هذا وأكثر نتعرف عليه سويًا بشكل مفصل خلال الأسطر التالية.
ما هو الاستثمار “تعريف الاستثمار” :-
اعتمد كتاب وخبراء الاقتصاد على تعريفات عديدة بحيث تختلف في سياقها ولكنها تدل في النهاية على معنى واحد. في الحقيقة الكثير من تلك التعريفات موجه لطلاب الدراسات الاقتصادية و تتسم بالتعقيد وصعوبة الفهم لغير المختصين، لذلك لن سنحاول تبسيطها للغاية بحيث يسهُل فهما.
ببساطة يمكننا تعريف الاستثمار على أنه إنفاق مبلغ معين من المال في عمل أو مشروع تجاري أو إنتاجي أو خدمي بغرض الحصول على تدفقات مالية في المستقبل بحيث تُعوض عن المبلغ المالي الذي تم إنفاقه وتساعد على بناء ثروة.
ملاحظة :- الجزء الأخير من التعريف “الحصول على تدفقات مالية في المستقبل بحيث تُعوض عن المبلغ المالي الذي تم إنفاقه وتساعد على بناء ثروة” يمكن اعتباره الهدف الرئيسي للاستثمار.
أهمية الاستثمار للدول والأفراد :-
الاستثمار له أهمية بالغة للدول والأفراد على كافة المستويات وليس على المستوى الاقتصادي فقط. نتعرف أولًا على أهميته للدول ومن ثم أهميته للأفراد:
أولًا، أهمية الاستثمار على مستوى الدول :-
1- المشاريع القومية تخفض معدلات الاستيراد مما يسهُم في تطوير الناتج القومي.
2- تشغيل الشباب وخفض معدلات البطالة مما يحسن الوضع الاجتماعي للأفراد.
3- إعلاء قيمة العملة المحلية في مقابل العملات الأجنبية مما يساعد على مواجهة التضخم.
4- المشاريع القومية تساهم في تنويع الهياكل الاقتصادية للدول وزيادة مواردها، وبالتالي تقوية اقتصادياتها.
5- عندما يستثمر الأفراد الأجانب أو المحليين في مشاريع صغيرة أو متوسطة أو كبيرة -الكبيرة خاصة- فإن الدولة تحقق استفادة مادية كبيرة من خلال الضرائب التي يتم تحصيلها سنويًا من تلك المشاريع بالإضافة إلى معدلات البطالة التي تنخفض ونِسب مؤشرات الاقتصاد التي ترتفع.
ثانيًا، أهمية الاستثمار على مستوى الأفراد :-
1- استثمار الأفراد هو المصدر الأول لبناء الثروات، فمن يستثمر لديه فرصة لمضاعفة أمواله ويسير في الطريق الصحيح نحو الثراء.
2- الاستثمار يضمن عوائد أكبر من الوظيفة “باستثناء الوظائف الفريدة” وبالتالي يضمن حياة كريمة للمستثمرين.
3- المستثمرين في مرحلة ما يعملون أقل ويكسبون أكثر، بحيث يكون لديهم من ينجز الأعمال ويكتفون هم بالإدارة والتوجيه.
4- بعض الاستثمارات لا تطلب من المستثمر أي خبرة أو مهارة، فقط المال هو المطلوب، ومن الامثلة على ذلك الاستثمار في الأسهم.
5- من خلال الاستثمار الناجح ستحصل على أموال كثيرة يمكن الاعتماد عليها في تحقيق الأهداف المتعلقة بالمال كـ شراء بيت جديد أو سيارة فارهة.
6- عندما يستثمر الأفراد فإن دائرة معارفهم تتسع ويكون بإمكانهم التعرف على أصحاب الأعمال وشركات متنوعة مما يخدم مصالحهم العملية.
7- المستثمرين المحليين يخدمون أوطانهم من خلال دفع الضرائب وتشغيل الشباب، وفي المقابل يحصلون على الدعم والتسهيلات.
8- الانخراط في الاستثمار يفتح آفاق جديدة للنجاح، كأن تتعرف على مبتكرين يمكنهم القيام بشئ ما قد ينجح، أو بظهور فرصة يمكن استغلالها.
مخاطر الاستثمار :-
تحدثنا فيما سبق عن أهمية الاستثمار وما يقدمه من مزايا وآثار إيجابية على الدول والأفراد. ولكن في مقابل تلك المزايا توجد مخاطر تواجه المستثمرين، نوضحها فيما يلي،،
1- بعض الأسواق تعاني من عدم الاستقرار وهنا نتحدث عن المشاريع المتوسطة والكبيرة مثل المصانع وخطوط الإنتاج.
2- الاستثمارات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة تُعاني كثيرًا من التضخم وارتفاع الأسعار. فلو تحدثنا عن مصنع كبير فإنه سيتأثر بحالات التضخم وارتفاع الأسعار وكذلك الأمر عندما نتحدث عن مشروع صغير مثل محل ملابس.
3- بعض الاسواق جاذبة للاستثمارات بشدة، فإن استثمرت أموالك بها فهذا يعني أنك ذاهب لمنافسين قدامى وستواجه منافسين جدد.
4- في الأسواق المختلفة يوجد كبار مستثمرين محتركين يتحكمون في الاسواق والاسعار.
5- قلة الخبرة تعد من أكبر مصادر الخطر على المستثمرين. فالأسواق تحدث بها الكثير من التغيرات وخبرة المستثمر يكون لها عامل كبير في التعامل مع تلك المتغيرات.
كيفية التغلب على مخاطر الاستثمار :-
إذا اعتبرنا أن المخاطر التي تواجه المستثمرين هي مشاكل متوقعة، فإنه لكل مشكلة حل أو طريقة يمكن التغلب بها على تلك المخاطر أو المشكلات المتوقعة. تلك الحلول والطرق نستعرضها فيما يلي:
1- على المستثمر امتلاك رأس مال كاف لتغطية نفقات مشروعه لعدة أشهر.
2- مراقبة الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلد الذي تنوي استثمار أموالك به لفترة زمنية.
3- دراسة السوق بدقة للتعرف على المخاطر والفرص المتعلقة بهذا السوق.
4- المعرفة التامة بالقوانين الاستثمارية في البلد الذي تنوي الاستثمار به حتى وإن كنت تستثمر داخل دولتك (مهم للغاية).
5- عند المقارنة بين الأسواق، فيجب أن تختار الأسواق المستقرة و المزدهرة دون المضطربة.
6- الحرص على دراسة ومراقبة المنافسين باستمرار ومعرفة احتياجات العملاء والسوق لتكون لديك ميزة تمنحك التفوق.
7- إذا كنت مستثمر مبتدأ فاحرص على استشارة الخبراء وتعلم لتكتسب الخبرات التي تمكنك من اتخاذ القرارات السليمة.
أين تستثمر أموالك :-
الاستثمار يجب أن يكون مرتبط بالمكان الذي يحقق الأهداف المرجوة، وليس بمكان الإقامة. فإن كان مكان إقامتك أو بلدك بشكل عام قادرة على تحقيق أهدافك الاستثمارية، فهذا رائع ويمكنك الاستثمار في بلدك.
وإن كانت هناك اضطرابات أو حالة من عدم الاستقرار و نزوح رؤوس الأموال فإن فكرة استثمار المال في الخارج تبدو منطقية أكثر. ولكن أين تستثمر بالخارج؟. هذا ما نوضحه فيما يلي:
الأسواق الأفريقية المزدهرة :-
صغار المستثمرين الذين يملكون مبالغ محدودة لا تزيد عن 20 ألف دولار بمقدورهم التوجه إلى أفريقيا، وحتى كبار المستثمرين الباحثين عن استثمارات فريدة يمكنهم التفكير بشأن الاستثمار في أفريقيا.
وذلك لأن العديد من الأسواق الافريقية تتسم بالازدهار وضعف المنافسة وكثرة الفرص الاستثمارية والعديد من العوامل التي تساعد على نجاح الاستثمار.
من أمثلة العوامل المساعدة على نجاح الاستثمارات في أفريقيا:
- الملائمة الشديدة لصغار المستثمرين لضعف المنافسة.
- سهولة تأسيس الشركات والأعمال في أفريقيا.
- عدم وجود حد أدنى لرأس المال في معظم الدول الأفريقية.
- توافر العمالة بأرخص الأسعار عالميًا.
- انتهاء الحروب الأهلية والاضطرابات في العديد من الدول.
- المواقع الاستراتيجية التي يمكن منها النفاذ لمختلف أسواق العالم.
- الموارد الطبيعية الفريدة التي لا توجد في أي مكان آخر.
- فرص استثمار متنوعة للغاية.
في حال كنت مستثمر صغير ترغب بالاستثمار بالخارج في الأسواق الأفضل لك، أو كنت مستثمر كبير تبحث عن استثمارات متميز في السوق الأفريقية. فإليك، أفضل 4 دول إفريقية لصغار المستثمرين.
الأسواق الآسيوية المتميزة :-
المستثمرين الذين يملكون رؤوس أموال تزيد على 100 ألف دولار يمكنهم التوجه إلى الأسواق الأفريقية السابق ذكرها لما لها من مزايا كبيرة. وكذلك يمكنهم التوجه إلى الأسواق الأسيوية التي يمكن وصفها بالرائعة.
فتلك الأسواق الآسيوية تجذب العديد من المستثمرين من حول العالم بسبب أعداد السكان الهائلة و الأعداد المهولة من السياح وما يترتب عليها من معدلات استهلاك مرتفعة للغاية من كافة السلع والخدمات.
بجانب معدلات الاستهلاك الهائلة، هناك أسباب أخرى تشجع على الاستثمار في الأسواق الآسيوية، مثل (قوانين الاستثمار الجيدة في بعض البلدان، تطور البُنى التحتية، التعليم وتوافر العمالة الرخيصة للغاية، وغيرها).
في حال قررت استثمار أموالك في الأسواق الآسيوية، فنحن نشجع على الاستثمار في اندونيسيا، وكذلك الاستثمار في ماليزيا بحيث أنهم سوقين تتوفر فيهما عناصر النجاح.
الأسواق الأوروبية والأمريكية :-
الاستثمار في دول العالم الأول وعلى رأسها أسواق الاتحاد الأوروبي وأمريكا ليست متاحة لصغار المستثمرين بسبب المتطلبات المالية المرتفعة. فهناك اشتراطات متعلقة برأس المال الذي لا يجب أن يقل عن 300 ألف دولار، كما أن معدلات الضرائب مرتفعة وتكاليف التشغيل كذلك. ولا يجب أن نغفل معدلات التنافسية المرتفعة للغاية.
النجاح في الأسواق الأوروبية والأمريكية ممكن جدًا في ظل الظروف الصعبة، ولكنه يتطلب رؤوس أموال مرتفعة في المقام الأول، بجانب خبرات استثمارية كبيرة.
في حال كنت مستثمر متمرس تعرف ما هو الاستثمار عن ظهر قلب وتملك من المال الكثير. فإنا ننصحك بالتوجه إلى أمريكا أو أوروبا لاستثمار أموالك. نقترح عليك الاستثمار في ألمانيا لكونها الاقتصاد الأقوى أوروبيا. كذلك نقترح عليك الاستثمار في أمريكا لكونها الأقتصاد الأقوى عالميًا وفيها ينجح الجميع.
كيف تستثمر أموالك بنجاح :-
ايًا ما كان السوق أو البلد الذي اخترته للاستثمار فإن البداية يجب أن تقوم بمتابعة أخبار هذا البلد ومن الأفضل زيارته لتراقبه عن كثب وتعرف مدى ملائمته لتوقعاتك.
فعلى سبيل المثال إذا قررت الاستثمار في رواندا باعتباره بلد أفريقي ملائم لصغار المستثمرين، فعليك بمتابعة أخباره بشكل يومي وقراءة قوانينه الاستثمارية، ومن المفضل زيارة هذا البلد للتعرف على وضع الناس والبلد و المشاريع والفرص الاستثمارية المتاحة والتعرف على القوانين وغيرها.
ولمزيد من الفهم والطمأنينة يمكنك التواصل مع من سبق لهم الاستثمار في هذا البلد لمعرفة تجاربهم الواقعية وما يجب أن تضعه في اعتبارك كمستثمر. ولكن احذر أن يطلب منك أحد أي أموال مقابل الاستثمار لك أو تخليص بعض الإجراءات.
أخيرًا وبعد التأكد من أن البلد الذي اخترته مناسبًا لك من حيث المعيشة وقوانين الاستثمار. يمكنك البدء في رحلتك الاستثمارية والتي تبدأ بتحديد المشروع الاستثماري وإعداد دراسة جدوى له.
بمجرد الانتهاء من الدراسة يمكنك البدء في الاستثمار من خلال تأسيس الشركة، وهو أمر سهل ويمكن إنجازه من خلال الانترنت في العديد من دول العالم، ومن ثم يمكنك البدء في اختيار المكان وتوفير طاقم العمل لبدء العمل، هذا هو الأمر بالكامل.
أفضل فرص الاستثمار في البلد الذي اخترته :-
نحن لا نعرف البلد الذي اخترته لاستثمار أموالك، لذلك لا يمكننا التحدث بشأن فرص الاستثمار الجيدة في هذا البلد. ولكن بمقدورنا مساعدتك على معرفة أفضل مجالات وفرص الاستثمار في هذا البلد من خلال تعريفك ببعض الأدوات المساعدة. وهي:
- موقع وزارة الاستثمار في هذا البلد.
- البحث في المواقع الالكترونية في هذا البلد.
- تقرير ممارسة الأعمال الصادر من البنك الدولي (يساعدك على معرفة الكثير من العناصر حول هذا جميع بلدان العالم).
- الصحف المحلية.
- مكاتب الاستشارات في هذا البلد (خدمة مدفوعة).
الخاتمة :-
الاستثمار هو أهم مصادر الثراء المشروع، وهناك أمثلة عديدة لأشخاص استثمروا أموال بسيطة للغاية و أصبحوا أثرياء (مثال1 : شهيد خان)، (مثال2 : كوكو شانيل)، (مثال3 : فارح جراي). وهناك أثرياء استثمروا وضاعفوا من ثرواتهم.
ولكن على جانب آخر هناك أشخاص فشلوا في تحقيق نجاحات استثمارية، مما يعني أن قرار الاستثمار يتسم بالمخاطرة “أوضحنا ذلك بشكل مفصل خلال المقال”.
كذلك تحدثنا عن ما هو الاستثمار وأهميته ومزاياه وأين وكيف يتم استثمار الأموال وأفضل الأدوات المساعدة للحصول على أفضل الفرص الاستثمارية. بقراءتك لهذا الموضوع تستطيع خوض رحلة استثمارية ناجحة بلا شك.
في حال كانت لديك أي استفسارات أو توضيحات بشأن ما هو الاستثمار أو حول أي مما ورد خلال هذا الموضوع، فلا تتردد بالسؤال من خلال التعليقات.