– هل حققت مبيعات الشهر؟
– ما هي خطتك للشهر القادم؟
– ستتقاضى أساسي مرتبك فقط.
– غير مسموح لك بأخذ عطلتك.
كم مرة تسمع هذه الجمل من مديرك؟
يقول أرسطو: “الاستمتاع بالعمل يضفي عليه المثالية”.
ويقول روبرت فروست: “السبب في أن القلق يقتل من الناس أكثر مما يقتل العمل، هو أن الناس تقلق أكثر مما تعمل”.
أنت تعلم عزيزي القارئ، يكتسب الإنسان قيمته من عمله، ولكن يتعرض الكثير لضغط العمل النفسي المؤدي إلى فقد الشغف والقدرة على المواصلة، ويضطر البعض أحيانًا إلى التخلص من هذا العمل.
تعددت أسباب ضغط العمل النفسي، ولكن النتيجة واحدة. دعنا -عزيزي القارئ- نتجاذب أطراف الحديث عن أسباب هذا النوع من الضغط لنصل سويًا إلى حل.
أسباب ضغط العمل النفسي
- قلة راتبك، وغلاء المعيشة.
- فرص التقدم والترقية قليلة في هذه الوظيفة.
- أعباء عملك كثيرة.
- لا يجذبك هذا العمل، ولا تشعر بالشغف نحوه.
- ينقصك الدعم المعنوي في بيئة عملك.
- الإدارة غير الناجحة.
- ساعات العمل الطويلة التي تتضارب مع حياتك العائلية.
- غياب الأمان الاقتصادي، وخوف الموظفين من فقدان وظيفتهم.
- التعرض للإيذاء النفسي، مثل التنمر من بعض الزملاء أو المدير.
- التفرقة في التعامل بين الموظفين.
- عدم وجود خطة واضحة لإنجاز مهام العمل.
ويقول جيفري فيفر(مؤلف كتاب الموت من أجل لقمة العيش): “ما تمارسه بيئات العمل المختلفة من تصرفات سلبية ليس في مصلحة الشركات، ويحذر من أزمة صحية جديدة، تغض الحكومات البصر عنها”.
متى يجب أن تقول “لا”؟
إذا تعلق الأمر بصحتك، وجب عليك أن تقول “لا”. لا شك أنه لا يوجَد عمل مريح، ولكن لا تسمح لشيء أن يؤذي صحتك النفسية والجسدية.
تأثير ضغط العمل على السلوك
هناك بعض الأعراض التي تدق ناقوس الخطر على صحتك النفسية، هَلُّم -عزيزى القارئ- للتعرف عليها:
- سرعة الغضب.
- الاكتئاب والعزلة.
- الإرهاق المستمر الناتج عن قلة النوم وكثرة التفكير.
- عدم القدرة على التركيز.
- الأرق.
تأثير ضغط العمل على الصحة البدنية
تذكَّر عزيزي القارئ؛ أنت أولًا، وصحتك أولًا. يحتاج العمل إلى كثير من الساعات، مما قد يؤثر في بعض الأحيان على صحتك. دعني أسرد لك بعضًا من الأعراض التي تُعَدُّ بمثابة جرس إنذار للالتفات إلى صحتك الجسدية:
- الصداع المزمن.
- النهم الشديد بالأكل أو فقدان الشهية.
- السمنة المفرطة.
- الإجهاد المستمر.
- نقص المناعة، مما يترتب عليه الإصابة ببعض الأمراض، مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم.
- آلام المفاصل والفقرات والعضلات.
- ارتفاع مستوى الأدرينالين بالدم.
- الاتجاه إلى التدخين أو الإدمان بشكل عام.
- آلام بالمعدة.
الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، وبدونها لن تستطيع إنجاز عملك، وتذكر أن ضغط العمل النفسي على الصحة لا يقل تأثيره عن التدخين السلبي.
ولا يمكن غض الطرف أيضًا عن المشاكل العائلية والأسرية الناتجة عن الانخراط الشديد في العمل، أو أن إنجاز بعض المهام يتطلب استمرار العمل من المنزل فلا تجد وقتًا لعائلتك، مما يؤدي إلى التشتت الأسري والعديد من المشاكل.
عزيزي القارئ، مَنْ منَّا لم يتعرض لضغط العمل النفسي؟!
قبل أن أقدم لك بعض النصائح التي تساعدك على التأقلم مع ظروف العمل، عليك أن تعرف جيدًا أن كل المؤسسات -مهما كان حجمها- تمُرُّ بالكثير من الأزمات التي تجعلك تجري سريعًا لكي تواكب سباق العمل والمنافسة.
وأحيانًا يعمل الضغط على التحفيز وإنجاز المهام، ولكن استمرار الوقوع بين مخالب ضغط العمل النفسي هو الذي أحذرك منه.
لكن كيف تقول “لا” لضغط العمل النفسي بكل مهنية؟
سأسرد لك بعض النصائح لمزيد من الإنتاجية، وللتخلص من ضغط العمل النفسي قدر المستطاع…
- ابدأ بنفسك: لا تلقِ اللوم دائمًا على ظروف عملك؛ من الممكن أن خطتك غير منظمة، أو أنك تفتقر للمرونة، أو لا تجيد تنظيم وقتك وتحديد أولوياتك.
- حدد أولوياتك: ابدأ دائمًا بالأمور الصعبة، وخطط دائمًا لإنجاز مهامك، ولا تدع الوقت يسرقك.
- حافظ على تناول الأغذية الصحية لاحتوائها على العناصر الغذائية الأساسية، واستبدل وجباتك السريعة بأخرى صحية، وابتعد عن الأطعمة المصنعة أو التي تحتوي علي سكر.
- حافظ على النوم الصحي: احرص على تناول قسط كافٍ من الراحة.
- قم بتهيئة مكان العمل كما تحب أن تراه، احرص دائما على تعطير مكتبك وترتيبه، واجلس على كرسي مريح فالراحة الجسدية تؤثر في الإنتاجية، واحرص على توفير أجواء هادئة خالية من الأصوات العالية المختلطة.
- مارس الرياضة يوميًا: تساعد الرياضة على خفض التوتر وضغط العمل النفسي، حتى لو كانت رياضة خفيفة -مثل المشي يوميًا لنصف ساعة، أو ممارسة بعض تمارين الاسترخاء كاليوغا- فهي تزيد من التوازن النفسي.
- ناقش مديرك في خفض مدة الاجتماعات (إذا وجدته أمرًا مناسبًا).
- كافئ نفسك من وقت لآخر عندما تنجز بعض المهام الكبيرة.
- ابدأ يومك بهدوء، وابتعد عن البدايات المزعجة كالتفكير بشكل سلبي، واحرص على بداية يومك بفطور صحي.
- اترك كل شيء متعلق بالعمل في المكتب ولا تصحبه معك إلى البيت كهاتف العمل أو جهاز الحاسوب الخاص بعملك.
- مارس هوايتك المحببة حتى لو لبضع دقائق يوميًا.
- اعرف حقوقك جيدًا، ولا تفرط فيها مهما كلفك الأمر.
- حدد مشاكلك بشكل صحيح: اكتب أي شيء يمثل ضغطًا عليك في العمل، وراقب نفسك وردود أفعالك المختلفة، وابحث عن حلول مبتكرة لمواجهة هذه المشاكل ولا تستسلم؛ فأول طريق علاجك من ضغط العمل النفسي هو وعيك بالمشكلات، ومحاولة الوصول للحل.
- يمكنك إسناد بعض الأمور البسيطة إلى شخص آخر تثق به، مما يخفف وطأة العمل عنك، كشخص يقود لك سيارتك إلى مكان عملك، أو يرد على الهاتف بدلًا منك، كل هذه الأمور تخفف من شعورك بضغط العمل النفسي.
- شارك همومك مع مَنْ تثق بهم من أقاربك أو أصدقائك؛ فهذا يخفف من شعورك بالضغط والتوتر، وناقش زملائك بالعمل في المشاكل التي تواجهكم في العمل لكي تتعاونوا على إيجاد الحلول المناسبة.
- احرص على قضاء عطلة من وقت لآخر؛ فهذا يجدد طاقتك ويخفف من أعباء عملك.
- استعن بالخطط اليومية لإنجاز مهامك: رتب خطتك لليوم التالي قبل أن تخلد للنوم، واجعلها خطة سهلة قابلة للتطبيق والتغيير، وقسِّم مهامك الصعبة إلى أجزاء، على أن تبدأ بأكثرهم صعوبة.
- استيقظ مبكرًا ونم مبكرًا.
- ابتعد عن القيام بعدة مهام في وقت واحد؛ فهذا يشتت انتباهك، ويزيد من ضغوط العمل وعدم قدرتك على الإنجاز.
- حاول أن تصل إلى مكان عملك مبكرًا: وصولك مبكرًا -بنصف ساعة مثلًا- يزيد من إنتاجيتك، ويجعل تخطيطك لليوم أفضل، وبذلك تستطيع إنجاز مهامك.
- في حال لم تفلح هذه النصائح، راجع طبيبك النفسي، ولا تتردد في البحث عن عمل آخر.
خُلاصة القول، إن ضغط العمل النفسي أمر خطير لا يمكن التغافل عنه ويحتاج إلي التعامل بحكمة.
وتذكر قول شكسبير: “كل ما هو عظيم وملهم صنعه إنسان عمل بحُرية”.