يُعتبر علم الشخصيّة من العلوم النفسيّة المهمة التي تهتم بدراسة شخصيات البشر ونقاط الضعف والقوة فيها، ومن أكثر الشخصيات التي حظيت باهتمام هذا العلم هو الشخصيّة القياديّة التي تتميّز بالعديد من الصفات التي تؤهلها للنجاح في الحياة على مختلف الأصعدة وبالتحديد الصعيد المهني والعملي، فيما يلي سنُسلّط الضوء على موضوع الشخصيّة القياديّة، وأهم الصفات التي تجعل من الإنسان قائدًا ناجحًا ومتألقًا في عمله.
أولًا: القيادة في علم النفس وتعريف الشخصيّة القياديّة
القيادة في علم النفس هي قدرة الإنسان أو القائد على التأثير بالآخرين وتوجيههم جيدًا لتحقيق هدف إيجابي معين، أو عمل معين، كعمل القائد مثلًا على تنظيم مجموعة من الأقارب أو الأصدقاء وتوجيههم لإنجاز عمل تطوعي كتنظيف الأحياء في المدينة، أو تجهيز رحلات ترفيهيّة. أو قيام القائد بتشكيل فريق عمل ويكون هو المسؤول المباشر عن إدارتهم والإشراف على كل الأعمال التي يقومون بها.
ويُمكن تعريف صاحب الشخصيّة القياديّة بأنّه الشخص الذي ينجح في التأثير على طريقة عمل وتفكير الآخرين ولكن بطريقةٍ إيجابيّة تهدف لبناء العمل والمجتمع، وتحقيق أهداف تعود بالنفع على كل المحيطين، وهو شخص قادر على العمل المستمر وباجتهاد واضح دون أي تقصير أو ملل.
وتناول علماء النفس موضوع الشخص القيادي بالعديد من التعريفات والصفات منها:
- على القيادي أن يتحلّى بشخصيّة قوية، وأن يحب عمله كقائد وأن يكون له القدرة على مواجهة الحقائق القاسية بشجاعة وإقدام.
- على القائد أن يكون ناضج وصاحب آراء جيدة ببراعة وذوق، وبصيرة وحكمة، وأن يكون صاحب حكمة للتمييز بين المهم وغير المهم.
- على القائد التحلي بمهارات الاتصال والتخاطب و فصاحة اللسان وقوّة التعبير.
- يجب على القائد أن يتمتّع بالحزم والثقة في اتّخاذ القرارات المستعجلة والاستعداد الدائم للعمل.
- يجب على القائد أن يشعر بأهميّة الرسالة التي يريد تأديتها وأن يؤمن بقدرته على القيادة.
ثانيًا: أهم الصفات التي تجعل منك قائدًا ناجحًا
1- الصدق:
يُعتبر الصدق واحدًا من أهم الصفات التي يجب أن يتميّز بها كل قائد ناجح في العمل والحياة، وذلك لأنّ فريق العمل دائمًا ما يبحث عن الشخص الصادق لكي يثقون بهِ وبكل القرارات التي يُوجهها لهم، لهذا يجب أن يكون القائد صادق، وكل ما يقوم بهِ ينسجم مع ما يؤمن بهِ الجميع من قيم ومعتقدات.
2- القدرة على تفويض المهام:
إنّ مفتاح نجاح أي قائد ناجح ينحصر بقدرتهِ على تفويض المهام في العمل، وتخليهِ عن فكرة تجسيد الرجل الحديدي القادر على تنفيذ كل شيئ بيدهِ دون مساعدة الآخرين، وذلك لكي ينجح في قيادة العمل وتوجيهِ الفريق بطريقةٍ تؤمّن النجاح والتقدم لأي شركة أو مؤسسة يعمل بها، ومبدأ تفويض المهام يتطلّب من القائد قدرةً عالية على معرفة إمكانيات كل فرد من فريق عملهِ ونقاط الضعف والقوة التي يتميّزون بها، وإظهار مدى ثقته واحترامه لهم.
3- مهارة التواصل الإيجابي:
من الضروري أن يتمتّع القائد الناجح بقدرةٍ عالية على التواصل مع الآخرين بطريقةٍ إيجابيّة وفعّالة، وذلك لينجح في توجيه فريق عملهِ لتحقيق الأهداف المطلوبة بالشكل الصحيح والمناسب، وعدم قدرة القائد على التواصل الفعّال مع الفريق سيُساهم في بثّ التشتّت والضياع ضمن العمل.
4- الثقة بالنفس:
من الطبيعي أن يمر القائد بالعديد من الصعوبات العمليّة والمهنيّة، ولكن القائد الناجح عليهِ ألّا يسمح لتلك الظروف الصعبة بأن تؤثر على إرادتهِ القوية وثقتهِ الكبيرة بنفسهِ، وذلك لأنّ اهتزاز الثقة بالنفس سيجعله يفشل في مسك زمام الأمور في العمل، وسينعكسُ سلبًا على أداء الفريق وسير العمل.
5- الإبداع:
إنّ الإبداع هو صفة أساسيّة يجب أن تتوفّر في كل قائد ناجح في هذهِ الحياة، ونقصد بالإبداع هنا قدرتهِ على التفكير خارج الصندوق أو خارج الإطار التقليدي، وبالتحديد عند المرور ببعض الأزمات والمشاكل المهنيّة التي لا تنفع الطرق التقليديّة بمعالجتها، والتي تحتاج إلى أفكار إبداعيّة جديدة ومبتكرة.
6- الرؤية المستقبليّة:
إنّ قدرة القائد على التنبؤ بالمستقبل والمكانة التي سيصل إليها وهو والعمل الذي يقوم به ستُساعد على تسيير العمل بشكلٍ جيد وعلى وضع الخطط المناسبة التي سيُواجه بها كل العقبات والصعوبات التي قد تصادفه في مسيرتهِ المهنيّة، لهذا فإنّ الرؤية المستقبليّة تعتبر من أهم الصفات التي يجب أن يتميز بها أي قائد ناجح في هذهِ الحياة.
7- التأني في اتّخاذ القرارات:
من أكثر الصفات السيئة التي تُهدّد نجاح العمل وسيره، والتي تجعل من الإنسان قائدًا فاشلاً وغير جدير بإدارة الأعمال هي السرعة في اتخاذ القرارات وإصدار الأحكام، لهذا على القائد الناجح أن يتمتّع بصفة التأني في اتخاذ القرارات والإجراءات التي تخص العمل وأفراد فريق العمل.
8- الصبر:
على القائد الناجح أن يتمتّع بصفة الصبر وطولة البال، وذلك لأنّ النجاح لا يأتي بسهولة ولا يُمكن تحقيقه في ليلةٍ وضحاها، لهذا عليهِ أن يؤمن بفكرةٍ مهمة وهي أن الصبر مفتاح لكل نجاح في الحياة الحاضرة والمستقبليّة.
9- الحدس القوي:
في كثيرٍ من الأحيان يجد القائد نفسه أمام أشياء وأحداث غير متوقعة وأمام سيناريو مختلف عما قام بالتخطيط لهُ مسبقًا، وهذا ما يضعهُ أمام اختبارٍ قوي ومهم في حياتهِ، لهذا فإنّ امتلاكهُ لصفة الحدس القوي سيُساعدهُ على اتخاذ الإجراءات الصحيحة للخروج من هذا المأزق منتصرًا وقويًا.
10- الإيجابيّة:
على القائد الناجح أن يتمتّع بصفة الإيجابيّة التي تساعده على إدارة فريق عملهِ بنجاح وحثهم على الإنجاز والمحافظة على الطاقة العاليّة في مكان العمل، ويكون هذا عن طريق اتباعهِ للعديد من الوسائل البسيطة، كتقديم وجبة غداء لهم يوميًا، تشغيل الموسيقى خلال ساعات العمل، أو تقديم هدايا معنوية لهم بين كل فترةٍ وأخرى.
ثالثًا: أبرز العادات التي يقوم بها القادة الناجحون
1- احترام الوقت:
وهي من العادات المهمة التي يحرص القائد الناجح على التقيّد والإلتزام بها في حياتهِ اليوميّة، فهو لا يتأخر إطلاقًا عن مواعيد العمل والإجتماعات، ويُقدّر أهمية وقيمة كل دقيقة تمر في حياتهِ.
2- تطوير الخبرات:
يحرص القائد الناجح على تطوير خبراتهِ بشكلٍ دائم، وذلك لاقتناعهِ بأنّ العلم لا يتوقف عند نقطةٍ معينة، وأن سير العمل والوصول بهِ إلى أعلى درجات المنافسة والنجاح يتطلّب منه أن يكون على اطلاعٍ دائم على آخر التقنيات المهنية المطروحة في العالم، وآخر الأفكار التي تساعد على تطوير العمل وتقدّمه.
3- القراءة والمطالعة:
تساعد القراءة اليوميّة والمطالعة على تعزيز مهارة القائد الناجح وزيادة قدرتهِ على العمل بإيجابيّة وإبداع، كما وتلعب القراءة دورًا أساسيًا في تقوية الذاكرة والعقل، والمحافظة على هدوء الأعصاب بعيدًا عن كل الضغوط التي تصادف الإنسان في العمل، لهذا فإنّ القارئ الناجح عادةً ما يُدمن على عادة القراءة والمطالعة بشكلٍ يومي، وذلك عن طريق قراءة الكتب الأدبيّة، والكتب العلميّة، وكتب التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبيّة.
4- الاهتمام بالصحة:
يؤمن القائد الناجح بأنّ العقل السليم في الجسم السليم، لهذا فهو يُواظب على العناية بصحته اليوميّة عن طريق تناول الطعام الصحي الغني بالمعادن والفيتامينات، والابتعاد عن كل الأغذية التي تُسبّب التعب وتعرّضه للأمراض كالوجبات الجاهزة، والأطعمة الدسمة والمقليّة.
5- ممارسة الرياضة:
وهي من العادت المهمة التي يلتزم بها أغلب القادة الناجحين في العمل، وذلك لإيمانهم بدور الرياضة المهم في المحافظة على الصحة النفسية والجسديّة للإنسان، ودورها في تنشيط العقل والدماغ لاختلاق المزيد من الأفكار الإبداعيّة الجديدة في العمل.
6- رفض العمل وقت الراحة:
يُقدس القائد الناجح وقت العمل، مثلما يُقدس وقت الراحة، فهو يُدرك حقيقةً مهمة وهي أنّ العقل والجسم بحاجة إلى أوقات من الراحة والاسترخاء ليعملوا وقت العمل باجتهادٍ وقوة بعيدًا عن التعب والإرهاق، لهذا فإنّه دائمًا ما يرفض العمل وقت الراحة، ويُخصصها للتنزه مع الأصدقاء والعائلة، أو القيام بالحفلات والرحلات الترفيهيةّ.
7- ممارسة تمارين اليوجا:
تعتبر هذهِ الرياضة من الرياضات المفضلة عند العديد من القادة الناجين في العالم، وذلك لدور اليوجا في تعديل المزاج وبث الإيجابيّة في العقل، والتخلّص من كل الضغوط النفسيّة التي قد تصادفه في العمل.
8- عدم التوقف عن التعلّم:
يُدرك القائد الناجح أهمية العلم وبأنّه من الامور التي لا حدود لها، لهذا فهو يسعى طوال حياتهِ للبحث عن مصادر العلم والمعرفة والتعرّف على مختلف الأمور العلميّة التي تدور في العالم، وذلك لكي يشحن نفسهُ بكمية من المعلومات المهمة التي يستخدمها في حياتهِ المهنيّة.
9- يبتعد عن السلبيين:
يحرص القائد الناجح على الابتعاد عن كل الأشخاص السلبيين الذين يلعبون دورًا أساسيًا في الحد من نجاحهِ وقدرته على العمل السليم، لهذا فهو لا يُحيط نفسه إلّا بالأشخاص الإيجابيين الذي يزرعون التفاؤل في حياتهِ اليوميّة.
رابعًأ: نصائح مهمة لتنجح في قيادة فريق العمل
من الضروري أن يتمتّع فريق العمل الناجح بالعديد من الصفات منها:
- يجب أن يتمتّع فريق العمل بقدرات ومهاراتٍ مميزة وفعّالة.
- من الضروري أن يكون لديهم فكرة واضحة وصريحة عن الأهداف التي سيقومون بتحقيقها.
- العمل بشكلٍ متجانس وذلك بهدف تحقيق الأهداف المشتركة لكامل أعضاء الفريق.
- تقاسم أعضاء الفريق لكل المسؤوليات خلال ساعات العمل.
- تمتع أعضاء الفريق بثقةٍ عالية بالنفس.
أمّا بالنسبة للنصائح التي على القائد أن يلتزم بها لينجح في إدارة فريق العمل، فهي:
1- تنظيم فريق العمل:
لكي ينجح القائد في إدارة فريق العمل عليهِ أن يتمتّع بقدرة عالية على تنظيم فريق العمل، وإدارتهِ وتأديب كل شخص منهم يتراجع عن أداء عملهِ كما يجب، وأن يضع القوانين المهمة التي تحسّن سير العمل وتضبط سلوكهم، كتحديد وقت للعمل ووقت للراحة، تحديد وقت معين لاستخدام الهاتف المحمول، بالإضافة لوضع بعض السياسات والقواعد التي على الجميع الإلتزام بها دون أي خرق.
2- تطوير مهارات الفريق:
على القائد الناجح أن يسعى دائمًا على تطوير مهارات فريقهِ، وحثهم على تعلّم وإتقان الخبرات الضرورية التي تساهم في تحسن العمل، وذلك عن طريق تسجيلهم في دورات خاصة لتعلم واكتساب المهارات الجديدة، بالإضافة لدورات اللغة وفنون استخدام الآلات التكنولوجيّة الحديثة.
3- تحفيز الفرق:
يجب على قائد العمل الناجح أن يعمل دائمًا على تحفيز كل الأعضاء العاملين معه ضمن فريق العمل، وزرع التفاؤل والطاقة الإيجابيّة داخلهم، وأن لا يبخل عن تقديم الدعم المادي والمعنوي لهم.
4- احترام آرائهم:
من الضروري أن يحترم القائد الناجح كل أفكار أعضاء فريق العمل، وأن يسألهم دائمًا عن آرائهم المتعلقة بتحسين أمور العمل وتطويره، والأخذ بكل ما يُمكن أن يُساهم في تحقيق هذا الهدف.
بهذا نكون قد تعرفنا عزيزي على صفات الشخصيّة القياديّة، أهم الصفات والعادات التي يمارسها القائد الناجح في حياتهِ اليوميّة.