بمجرد تشفير المعلومات وتخزينها في الذاكرة، يجب استرجاعها من أجل استخدامها؛ إذ إنَّ استرجاع الذاكرة هام في كل جانب من جوانب الحياة اليومية تقريباً، بدءاً من تذكر مكان ركن سيارتك، وحتى تعلم مهارات جديدة.
هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر في كيفية استعادة الذكريات من الذاكرة طويلة الأمد، ومن الواضح أنَّ هذه العملية لا تحدث بالشكل الأمثل دائماً؛ ولفهم كامل هذه العملية، من الهام أن نعرف أكثر عن ماهية الاسترجاع بالضبط، بالإضافة إلى العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر في كيفية استرجاع الذكريات.
أساسيات استرجاع الذاكرة:
ما هو الاسترجاع بالضبط؟ إنَّه ببساطة عملية الوصول إلى الذكريات المُخزَّنة؛ فمثلاً: عند خضوعك لاختبار، يجب أن تكون قادراً على استرجاع المعلومات المكتسبة من ذاكرتك للإجابة عن الأسئلة. يمكن أن يكون لنوع إشارات الاسترجاع المتوفرة تأثير في كيفية استرجاع المعلومات؛ إذ إنَّ إشارة الاسترجاع هي مفتاح أو دليل أو موجه يُستخدَم لتحفيز استرجاع الذاكرة طويلة الأمد.
هناك أربع طرائق أساسية يمكن من خلالها استرجاع المعلومات من الذاكرة طويلة الأمد، وهي:
- الاستذكار (Recall): يشمل هذا النوع من استرجاع الذاكرة القدرة على الوصول إلى المعلومات دون توجيه؛ وتُعدُّ الإجابة عن سؤال ملء الفراغات مثالاً جيداً عليه.
- التذكر (Recollection): ينطوي هذا النوع من استرجاع الذاكرة على إعادة بناء الذاكرة باستخدام هيكلية منطقية غالباً، أو بالاستناد إلى ذكريات جزئية أو روايات أو أدلة؛ فعلى سبيل المثال: تتضمن كتابة إجابة تتعلق بفقرة في امتحان تذكُّر أجزاء من المعلومات، ثمَّ إعادة هيكلة المعلومات المتبقية بناء على هذه الذكريات الجزئية.
- التعرف (Recognition): يتضمن هذا النوع من استرجاع الذاكرة تحديد المعلومات بعد اختبارها مرة أخرى، فعلى سبيل المثال: يتطلب القيام باختبار تعدد الخيارات أن تتعرف على الإجابة الصحيحة من بين مجموعة من الإجابات المتاحة.
- إعادة التعلم (Relearning): ينطوي هذا النوع من استرجاع الذاكرة على إعادة تعلم المعلومات التي تعلمتها مسبقاً، وغالباً ما يجعل هذا تذكر المعلومات واسترجاعها في المستقبل أسهل، ويمكنه أن يحسِّن قوة الذكريات.
مشكلات استرجاع الذاكرة:
لا تعمل عملية الاسترجاع بدقة دائماً؛ فمثلاً: هل شعرت يوماً أنَّك تعرف إجابة سؤال ما، لكنَّك لا تستطيع تذكر المعلومات تماماً؟
تُعرَف هذه الظاهرة باسم تجربة "على رأس اللسان"، حيث قد تشعر متيقناً بأنَّ هذه المعلومات مخزنة في مكان ما في ذاكرتك، لكن لا يمكنك الوصول إليها واسترجاعها. في حين أنَّ تجربة "على رأس اللسان" قد تكون مزعجة أو حتى مثيرة للقلق، فقد أظهرت الأبحاث أنَّ هذه التجارب شائعة للغاية، وعادة ما تحدث لمعظم الأفراد الأصغر سناً مرة واحدة على الأقل كل أسبوع، ومرتين إلى أربع مرات في الأسبوع بالنسبة إلى كبار السن.
إنَّ فشل الاسترجاع هو التفسير المألوف لنسياننا؛ فالذكريات موجودة، لكنَّنا لا نستطيع الوصول إليها؛ لكن لماذا؟
يحدث ذلك في العديد من الحالات؛ ذلك لأنَّنا نفتقر إلى إشارات الاسترجاع المناسبة لبدء تشغيل الذاكرة، أو قد تكون المعلومات ذات الصلة في حالات أخرى غير مشفرة جيداً في الذاكرة في المقام الأول.
أحد الأمثلة الشائعة: عندما تحاول رسم وجه عملة من الذاكرة، يمكن أن تكون المَهمَّة صعبة لدرجة كبيرة، على الرغم من أنَّك ربَّما تملك فكرة جيدة جداً عن شكل العملة.
الحقيقة هي أنَّك ربَّما تذكر فقط ما يكفي للتمييز بين الأشكال المختلفة من العملات، حيث يمكنك تذكر حجم ولون وشكل العملة المعدنية؛ لكنَّ المعلومات حول تفاصيل الوجه الأمامي للعملة غامض في أحسن الأحوال؛ ذلك لأنَّك ربَّما لم تشفِّر هذه المعلومات في ذاكرتك قط.