اهتم العالم في السنوات الأخيرة بالتنمية البشرية كوسيلةٍ لتطوير المجتمعات والنهوض بها على كافة الأصعدة؛ سواء السياسية أم الاجتماعية أم الاقتصادية، وفي هذا المقال أعزاءنا القراء سنوضح لكم مفهوم التنمية البشرية ومبادئها، فتابعوا معنا السطور القليلة القادمة.
ما هو مفهوم التنمية البشرية؟
يُقصد بالتنمية البشرية تطوير وتنمية مهارات الإنسان وقدراته، بالإضافة إلى تنميته في مجتمعه سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وفكرياً، وثقافياً، وكل ذلك بهدف تمكين الإنسان وجعله قادراً على تغيير حياته وواقعه والنهوض بوضعه المالي، والاجتماعي، والثقافي، والارتقاء بمستوى معيشته.
كما أنَّ التنمية البشرية تهتم بالجوانب التالية: الجانب المهني، والجانب الأسري، والجانب الصحي والبدني، والجانب الإيماني والروحاني، والجانب الاجتماعي، والجانب الشخصي، والجانب المادي.
ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ الحروب العالمية ونتائجها الكارثية على الشعوب والبلدان كانت العامل والمحرك الأساسي لظهور مفهوم التنمية البشرية، حيثُ ساهمت مساهمة كبيرة في عملية تطوير وتنمية المجتمعات إدارياً، وثقافياً، وسياسياً، وتمكنت من النهوض بهذه المجتمعات والبلدان.
ما هي مبادئ التنمية البشرية؟
توجد 7 مبادئ للتنمية البشرية تساهم مساهمة كبيرة في تعزيز وتطوير الذات ومهارات الإنسان وقدراته، وهذه المبادئ هي:
1. الاتجاه الواضح:
ويقصد بالاتجاه هنا الأهداف التي يريد تحقيقها الفرد سواء على الصعيد الاجتماعي، أم المهني، أم المادي، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ الاتجاه الواضح يُزوِّد الشخص بالأمل والطاقة، ويساعده على إيجاد المعيار المناسب لاتخاذ القرارات.
كما أنَّ الاتجاه الواضح يساهم مساهمة كبيرة في تغلُّب الفرد على العقبات والمشكلات والعوائق التي يمكن أن تعرقل مسيرته وتحرفه عن الطريق الصحيح لتحقيق أهدافه، وليتمكن أي شخص من توضيح اتجاهه يجب أن يجد إجابة عن بعض الأسئلة المستقبلية الخاصة به، مثل:
- كيف أريد أن تكون حياتي وعملي بعد عدة سنواتٍ من الآن؟
- ما الذي أفعله في الوقت الحالي؟ وما الذي أريد فعله لاحقاً؟
- من هم الأشخاص الذين يحيطون بي؟ ومن الأشخاص الذين يمكن أن يستمروا معي ويقدموا لي الدعم الضروري؟
- ما الذي أفتخر به حالياً؟ وما الذي يمكن أن أفتخر بتحقيقه في الأيام القادمة؟
2. التغلب على الضعف:
إنَّ أحد أكبر التحديات التي يمكن أن تواجه القياديين المميزين هي المعرفة والقدرة على امتلاك الأجوبة الواضحة والصحيحة عن كل الأسئلة التي يمكن أن يطرحها باقي أعضاء فريق العمل؛ لذا ولكي يتمكن أي شخص من التحلي بصفة القيادة، يجب أن يتغلب على ضعفه وعلى جميع مخاوفه، وأن يلتزم بالتعلم الدائم والحصول على المعلومات من مصادر مختلفة، ومن النصائح الفعالة لدعم ذلك يمكن أن نذكر لكَ عزيزي القارئ:
- التسجيل والمشاركة في المشاريع والدورات التدريبية التي تمنحك آفاقاً واسعة في هذا المجال وتعلِّمك مهارات جديدة وتُطوِّر المهارات والقدرات التي تمتلكها.
- الاتفاق مع أعضاء فريقك الذين تعمل معهم في المشروع ذاته على مراقبة القرارات التي تتخذها ومحاسبتك على نتائجها.
ويمكن استخدام هذه النصائح نفسها في حال كنت قائداً لمنظمة، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّه يجب أن تبحث عن طرائق ومجالات تفيدك في توسيع نشاطات المنظمة، بالإضافة إلى محاولة إيجاد أجوبة عن بعض الأسئلة المهمة في عملية التطوير، ومن هذه الأسئلة نذكر:
- هل هناك مخاطر ناتجة عن القرارات التي ستتخذها وسوف يقع على عاتق المنظمة تحملها؟
- هل هناك مسائل تطويرية يجب تنفيذها؟
- هل بإمكاننا تطوير منتج أو خدمة نقدمها في الأيام القادمة؟
3. إعادة النظر في القيم التي تؤمن بها:
هنالك الكثير من الأشخاص الذين نسوا ما يؤمنون به من قيم نتيجة مشاغل العمل والحياة، ولكن يجب التنويه هنا أنَّ القيم التي يؤمن بها الفرد هي التي تحدد هويته وشخصيته، وهذه القيم تشتمل على: الصدق، والأمانة، والأعمال التي لها معاني خيرة، والتطوير الذاتي والإبداع، والاهتمام بالعائلة والعمل، وغيرها من الأمور.
لذا يجب أن تكون قيم الفرد محددة وواضحة، وتمنحه القوة في اتخاذ القرارات الصعبة، كما يجب أن تكون هذه القيم داعمة لسلوك الفرد، فعندما تتوافق القيم والمبادئ مع السلوكات والأفعال؛ فعندها فقط يمكن للفرد النهوض بالعمل الذي يقوم به، وتحقيق النجاحات التي لا مثيل لها.
4. تكوين عقلية مُحِبَّة للتعلم:
إنَّ طريقة تعامل الفرد مع المصاعب والأعباء، وطريقة النظر إليها على أنَّها مضايقات وأعباء، أو فرص يمكنه التعلم منها، هي التي تلعب الدور الأهم في تحديد نجاحه المستقبلي وتطوره المهني؛ فالقادة البارعون هم الذين يواجهون المشكلات بكل اهتمامٍ ورغبةٍ في التغلب عليها، وجعلها فرصاً للتعلم واكتساب المعرفة وتطوير الذات، فهم دائماً ما يسألون أنفسهم بصدق: ما الذي يمكن أن أتعلمه من مواجهة هذه المشكلة؟ وما الذي ستضيفه هذه المشكلة من خبرات في مسيرتي المهنية والعملية؟
5. المحافظة على العلاقات وتطويرها:
إنَّ القائد البارع هو الذي يدرك مدى فداحة الخسائر الناجمة عن فقدان التواصل مع أحد عملاء المنظمة، ولكنَّه في الوقت ذاته قد ينسى الخسائر الناجمة عن قلة تواصله مع العائلة والأقارب والأصدقاء، وسنقدم هنا بعض النصائح الفعالة التي تزيد من نجاح القادة وتساهم مساهمة كبيرة في تحقيق النجاح المتكامل على كافة الأصعدة، فمثلاً:
- في خضم الصعوبات والانشغال بالعمل، يجب على القائد أن يخصص وقتاً يقضيه مع العائلة والأقارب والأصدقاء.
- تشجيع الموظفين العاملين معه لكي يحذوا حذوه.
- تشجيع أعضاء الفريق لبناء علاقاتٍ قوية مع بعضهم ومع العملاء والممولين والشركاء.
- أن يكون موجوداً في حال احتاجه أي عضو من أعضاء فريقه وتقديم المساعدة والعون له، فذلك يعزز إظهارك لتقدير العلاقات مع الآخرين واحترامها.
6. زيادة المعرفة والمهارات وتطويرها:
لكي تكون قائداً ناجحاً يجب عليك أن تعزز مهاراتك في حل المشكلات، والتكيف والتأقلم مع جميع الظروف المستجدة والطارئة، وتعزيز مهارة التواصل مع الآخرين، بالإضافة إلى إيجاد مجالات أخرى لاهتماماتك مثل: الرسم، أو الشعر، أو المطالعة، أو الاهتمام بالفنون الأخرى.
ومن الأمور التي يمكن أن تفيدك بهذا الخصوص الالتحاق بالدورات التدريبية الخاصة بقيادة التغيير، وتفويض المهام، وتعزيز التواصل بفعَّالية، كما يجب عليك كقائد منظمة أن تشجع العاملين معك على التعلم، وتطوير مهاراتهم المختلفة واكتساب مهارات جديدة.
7. أخذ زمام المبادرة:
تتطلب المبادرة اتخاذ قرارات حاسمة وجدية؛ حيث يجب على القائد تحديد القضايا التي قد تم تجاهلها، ثم يواجهها ويعمل جاهداً على تجاوزها والتغلب عليها، والخطأ وارد هنا لكن يجب عليه أن يتعلم منه ويصححه، ثم يكمل التقدم في العمل.
علاقة التنمية البشرية بعلم النفس:
تتفق التنمية البشرية وعلم النفس في كثيرٍ من النقاط، نذكر لكم أهمها فيما يلي:
- الاهتمام بتطوير وتحسين حياة الإنسان على كافة الأصعدة سواء المهنية، أم النفسية، أم الاجتماعية.
- تحقيق الراحة النفسية والاستقرار باعتبارهما الدافع للإنجاز والعمل والتميز في الحياة؛ حيثُ إنَّ الإنسان المُتزن يعد أكثر كفاءةً ومقدرةً على النجاح والتميز.
- تعزيز نقاط القوة التي يمتلكها الإنسان وتقوية نقاط ضعفه، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ كلاً من التنمية البشرية وعلم النفس لديه أساليب وطرائق مختلفة لتحقيق ذلك.
- أخذ العامل النفسي على محمل الجد، والعمل على تطوير المهارات النفسية للفرد؛ والتي تساهم في تنمية جميع الجوانب الحياتية تنميةً حقيقيةً وشاملة.
ومن الجدير بالذكر في هذه الفقرة أنَّ علم النفس يعد علماً قائماً بحد ذاته له مراجع وأبحاث وأسس علمية ثابتة غير قابلة للتغيير؛ بينما تعد التنمية البشرية مهارات وأفكار منظمة تحت هذا الاسم، تهدف لتحقيق بعض الأمور المشتركة مع علم النفس، لكنَّها في علم النفس أكثر اتساعاً وشموليةً، ومن الجدير بالذكر أيضاً أنَّ التنمية البشرية تتقاطع مع علوم أخرى مثل: علم إدارة الأعمال.
عدد من أقوال الحكماء في التنمية البشرية:
- إنَّ أعظم اكتشاف لجيلي، هو أنَّ الإنسان يمكن أن يغير حياته، إذا ما استطاع أن يغير اتجاهاته العقلية.
- إذا لم تحاول أن تفعل شيء أبعد مما قد أتقنته، فإنَّك لن تتقدم أبداً.
- لعلَّه من عجائب الحياة، أنَّك إذا رفضت كل ما هو دون مستوى القمة، فإنَّك دائماً تصل إليها.
- يجب أن تثق بنفسك، وإذا لم تثق بنفسك فمن ذا الذي يثق بك.
- عندما أقوم ببناء فريق فإنِّي أبحث دائماً عن أناسٍ يحبون الفوز، وإذا لم أعثر على أي منهم فإنَّني أبحث عن أناسٍ يكرهون الهزيمة.
- ليس هناك أي شيء ضروري لتحقيق نجاح من أي نوع أكثر من المثابرة، لأنَّه يتخطى كل شيء حتى الطبيعة.
- لا يُقاس النجاح بالموقع الذي يتبوأه المرء في حياته بقدر ما يقاس بالصعاب التي يتغلب عليها.
- قدرتك على حفظ اتزانك في الحالات الطارئة ووسط الاضطرابات هي العلامات الحقيقية للقيادة.
- الرئيس هو ذلك الرجل الذي يتحمل المسؤولية، فهو لا يقول غُلب رجالي، وإنَّما يقول غُلبت أنا، فهذا هو الرجل حقاً.
- عليك أن تفعل الأشياء التي تعتقد أنَّه ليس باستطاعتك أن تفعلها.
وبذلك أعزاءنا القراء نكون قد قدمنا لكم أهم المعلومات عن مفهوم التنمية البشرية ومبادئها السبعة.