تُراودنا يوميًّا مشاعر كثيرة، أحيانًا نُركز في مسمياتها ومعانيها وأسبابها، وأحيانًا نعجز عن وصفها ونختلف في مسمياتها.. خاصةً عندما تتقارب تلك المشاعر مثل السعادة والفرح والبهجة، فلكلٍ منهم صفات وأحاسيس تداعب قلوبنا بشكلٍ مختلف.

سابقًا صُنفت المشاعر عالميًّا إلي سعادة وحزن وغضب ودهشة وخوف واشمئزاز. ومؤخرًا عام (2017م) أشارت دراسات حديثة إلى أن المشاعر لا تقل عن سبعة وعشرين شعورًا مختلفًا ولكنهم مرتبطون ببعضهم للغاية.

ومن وجهة نظري، مهما أُجريت أبحاث ودراسات؛ سيظل شعور كل شخص -تجاه نفس الشيء- متفردًا ناتجًا عن انفعالاته، وعيه، اتصاله بذاته، ترجمته للشعور، والكثير من العوامل المؤثرة في نظرتنا للأمور وردود أفعالنا ومشاعرنا.

ولكن هناك شعورٌ جلي فريد نستطيع كلنا تمييزه ووصفه وتعلم كيفية زيادة الشعور به في يومنا؛ وهو شعور “الامتنان“.

الامتنان بمعناه الأشمل

هو شعور يجعلك ترى وتُقدّر كل نعمة، وتُعطي الأهمية ليس فقط للنعم الكبيرة بل للنعم البسيطة المُعتاد عليها طوال حياتك، تراها وتُقدرها وتلمس الجمال داخلها. الامتنان هو سر تجلي المعجزات والزيادة والبركة. وليس المقصود بالامتنان ترديد كلمات الحمد بل الشعور الحقيقي بالنعمة ومدى تأثيرها في حياتك وما لها من دورٌ عظيم.

مدى أهمية الامتنان
طاقة شعور الامتنان من الطاقات الإيجابية ذات الأثر القوي على نفسية الإنسان وإبداعه ونشاطه، كما تزيده بهجة وسعادة وشعورًا بالرضا والإقبال على الحياة. وعلى الجانب الجسدي يزيد شعور الامتنان من قوة الجهاز المناعي والقدرة على مقاومة الأمراض.


كيف نعيش يومنا بشعور الامتنان
– ابدأ يومك باستشعار قيمة النفَس وأن الله وهبك يومًا جديدًا، اشكر عليه ووجه نيتك للاستفاده منه والبهجة فيه.

– حدّد نعمة واحدة في اليوم، تأملها استشعر قيمتها اشكرها واشكر الله عليها.

– لا تنسى شكر مَن حولك، ومن يقدم لك أي شيء مهما كان بسيطًا.

الامتنان الأهم على الإطلاق

هو الامتنان لله، أن يكون قلبك دومًا شاكرًا لأنعمه، ملتمسًا جمال تدبيره لأمورك، مطمئنًا لحكمته. خاصَّةً لو لم تَجْرِ المقادير كما تتمنى ولم يتحقق ما تريد، فترى وسط الظلام والحزن لطفه وجبره لخاطرك، تشعر كأن يدًا حانية تربط على قلبك بحب.

ستشعر بالامتنان لله ومداواته لقلبك عن طريق:
– آية تأتي في وقتها المناسب، فتسمعها بإنصات كأنك تسمعها للمرة الأولى، كأنها تنزلت من آلاف السنين؛ فقط لتكون لك في هذا الموقف.

– قد يربط على قلبك عن طريق كلمة تجري على لسان أحدهم.


– قد يكون عن طريق عباراتٍ تقرأها أو مذكرات تكتبها، فتكتب يدك رسالته لك، وتشعر أن يدك تحركت بأمر الله لتُنير عقلك ودربك.

ستشعر بالامتنان عندما تفهم لما ذهبت لذلك المكان، ولما تحدثت مع هذا الشخص، ولما شعرت هذا الشعور. شعور بالامتنان القوي سيتملكك عند إدراكك للحكمة من وراء ما جرت إليه المقادير ووضعتك فيه الظروف.

كتب مهمة ستتعلم منها عن الامتنان

كتاب “شكرًا: كيف يمكن لممارسة الامتنان أن تجعلك أكثر سعادة” لروبرت إيمونز


تناول فيه الكاتب معنى الامتنان بشكلٍ عميق، وأخبرنا كيف للامتنان أن يجعل الحياة أكثر إيجابية وسعادة، وأثر الامتنان في تعزيز شعور الانسان بقيمته ومدى تأثيره على الصحة الجسدية والنفسية. كما أشار إلى حث معظم الأديان على أهمية الامتنان.

– كتاب “علم نفس الامتنان” لروبرت إيمونز ومايكل مكولوغ

كتاب تَمّ فيه جمع تجارب حقيقية لأفراد حافظوا على ممارسة الامتنان، وما توصلوا إليه من نتائج إيجابية على جميع المستويات. كما ضمن الكتاب كيفية وضع الامتنان في حيز التنفيذ اليومي.


– كتاب “الامتنان أسلوب حياة” للويز هاي

كتاب يجعلك تفكر في كل الأشياء التي يمكن أن نمتنّ لها في الحياة. يتمحور الكتاب حول مبدأ ما تُقدّر قيمته تحصل على المزيد منه، فكلما زاد تركيزنا على الخير زاد الخير. ويجعلنا الكتاب نخصص وقتًا يوميًّا للامتنان لكل الخير في حياتنا.

والآن بعدما أبحرنا داخل شعور الامتنان؛ أريدك أن تنظر داخلك وحولك وتتأمل كم من النعم غارقًا بها؟ انظر لها، عدّدها، المسها، اشكرها، وامتنّ لوجودها ولتسخيرها في عالمك. امتن بقلبك ووعيك وليس فقط بلسانك، واستشعر الوسع الوفرة الزيادة والنماء، وآمن بقوله تعالى “لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”.