هناك اقتباسٌ يقول: "المديرون الماهرون يجعلونك تُحِسُّ بأنَّهم الهامُّون، والقادة الماهرون يجعلونك تُحِس بأنَّك أنت الأهم". لا نعلم من قال هذه الكلمات، لكنَّه اقتباسٌ يستحق أن يُذكَر؛ لأنَّه من الهامِّ أن تتذكَّر: ألَّا مكان للغرور في القيادة الرشيدة، وإذا لم تكن تتمتع بما يكفي من الثقة للارتقاء بالأشخاص الذين يحيطون بك، فربَّما تكون ممارسة القيادة غير مناسبةٍ لك.
يقول "هيلل فولد" (Hillel Fuld) المدوّن العامل في مجال التسويق: "من ضمن جميع المديرين الذين أشرفوا عليَّ على مدار السنوات، أذكر أولئك الذين ساعدوني في تحقيق طموحاتي، وركَّزوا اهتمامهم على تطويري؛ بينما لا أذكُر الذين حاولوا أن يجعلوني أشعر كم أنَّهم عظيمون".
فيما يلي أربعة أمور يجب عليك أن تفعلها إذا كنت تسعى إلى إثارة اهتمام الفريق وقيادته نحو تحقيق النجاح:
1- أن تدع الموظفين يشعرون أنَّك بحاجة إليهم:
الأمر بسيطٌ تماماً، لا يوجد ما هو أسوأ من أن تُحِسَّ بألَّا حاجة إليك؛ في المقابل، ستشعر بالسعادة إذا أحسستَ بأنَّك تحظى بالتقدير، وأنَّ أفكارك وآراءك تُؤخَذ على محمل الجد، وسيشجعك ذلك على طرح مزيد من المبادرات.
يؤدي التواصل دوراً كبيراً في جَعل الآخرين يُحِسُّون بأنَّ وجودهم ضروري، لكنَّ العملية لا يجب أن تقف عند هذا الحد. أنصِت إلى أفكار أعضاء الفريق، ونفِّذها حينما يكون ذلك مناسباً، وحينما لا تكون الأفكار مناسبةً بيِّن لهم أنَّ الفكرة جرى النظر فيها بشكلٍ جديٍّ، لكنَّها لم تُنفَّذ في النهاية؛ لأنَّها لا تناسب الاستراتيجية الحالية، أو لأيِّ سببٍ آخر. وانسب فضل العمل الذي يؤديه الموظفون والأفكار التي يطرحونها إليهم، ودَعهم يشعرون أنَّك بحاجة إليهم.
2- أن تُنصِت أكثر ممَّا تتكلّم:
يعتقد عديدٌ من المديرين أنَّ عملهم هو أن يتحدَّثوا دائماً، وأن يقدِّموا التعليمات والتوجيهات، ولا يدركون إدراكاً كافياً قيمة الإنصات. حتى تكون قائداً عظيماً، واظب على طرح الأسئلة، وإثارة القضايا، والإنصات إلى ما يقوله أعضاء الفريق؛ وتذكَّر أنَّه دون وجود فريقٍ تقوده، لن تكون قائداً.
من الأسئلة التي يُعَدّ من الجيِّد أن تطرحها دائماً على فريقك: "ما التحديات التي تواجهكم حالياً؟".
لدى كلِّ شخصٍ تحديات تواجهه، وسيُسعَد كثيراً بالحديث عن تلك التحديات، المسألة ليست مسألة التحدي نفسه، بل الغاية هي أن يعرف أعضاء الفريق أنَّك مهتمٌّ بطرح الأسئلة عليهم، والإنصات إليهم، ومساعدتهم في تجاوز التحديات التي تواجههم؛ لكن حتّى لو لم تفعل كلَّ تلك الأمور، يكفي أن تُنصِت، فهذا ما يريده كلُّ الناس في أغلب الأحيان.
3- أن تطلب الاستماع إلى نقد بنَّاء، وأن تكون صادقاً في طلبك:
يقول أحد الأشخاص الذين يمارسون مهنة الحديث أمام الجمهور أنَّه كلَّما ذهب إلى مكانٍ، يرى الناس يأتون إليه بعد أن ينزل عن المنصة؛ ليُثنوا على الخطاب الذي ألقاه. يُعَدُّ هذا تصرُّفاً لطيفاً، لكنَّه يردُّ عليهم دائماً بالقول: "شكراً لكم، أنا أقدِّر إطراءكم، لكن ماذا عن النقد؟ كيف يمكنني أن أُحسِّن أدائي؟".
ثمَّة غايتان يسعى هذا الشخص إلى الوصول إليهما من خلال الرد بهذه الطريقة:
- أولهما: رغبته في أن يبيِّن لهم أنَّه على الرغم من الثقة العالية التي يبدو أنَّه يتمتع بها على المنصة، إلَّا أنَّه مثلهم تماماً.
- ثانيهما: أنَّ هذا الردَّ يمكِّنه من الحصول على نقدٍ حقيقي يستخدمه لصالحه لاحقاً.
إقرأ أيضاً: كيفية التعامل مع النّقد، قبول الملاحظات بصدر رحب
4- ألَّا تقلِّل من قيمة كلمات التشجيع الإيجابية:
تُعَدّ هذه النقطة هامّةً جدَّاً، وهي ترتبط بجميع جوانب الحياة. إيَّاك ألَّا تتحدث إلى عامل المطعم، إلَّا حينما يَبرُد طعامك، أو حينما لا يكون الطعام جيداً؛ وحاول أن تخاطبه أيضاً بكلمات تشجيعٍ إيجابية.
إذا كان هذا هو الحال في المطاعم، فالأَولى بك أن تفعل ذلك حينما تتكلَّم عن الفريق الذي من المُفترَض أنَّ أعضاءه يعملون دائماً تحت قيادتك.
إذا أدى شخصٌ ما عمله بشكلٍ مناسب، فأخبره أنَّك تقدِّر تجاوبه السريع والنتيجة المذهلة التي حققها، حتّى لو كان ما فعله جزءاً من عمله. لن تكلِّفك مخاطبة أعضاء الفريق بتلك الكلمات اللطيفة أيَّ شيء، وفي المرة المقبلة التي يؤدي فيها ذلك الشخص مهمةً ما، سيتذكَّر كم أحسَّ بالسعادة حينما أطرَيت عليه في المرة السابقة.
حينما تقود فريقاً ما، ضع نفسك مكان أعضاء الفريق، وتصرَّف معهم مثلما تودُّ أن يتصرَّف الآخرون معك.