يبدو أنَّ التركيز على الإيجابيات قد باتَ أصعب من أي وقت مضى، فقد جعل كلٌّ من الوباء العالمي والاضطرابات المدنية وكثرة التوترات السياسية هذا العام عاماً صعباً بكل المقاييس؛ لكن رغم كل التحديات التي تواجهها، ما زال هنالك طرائق يمكنك من خلالها البقاء إيجابياً والاستمرار في السعي إلى تحقيق أهداف حياتك؛ لكن تذكر أنَّ مزيداً من المِحَن في انتظارنا؛ لذا يجب أن تكون قادراً على التغلب عليها جميعاً لكي تحقق أحلامك.
قد يكون من الصعب الحصول على الدافع في مثل هذه الأوقات، ولكن إليك بعض الطرائق التي تساعدك على الاستمرار والمضي قدماً:
1. إجراء تقييم للموقف:
عندما تواجه عقبة في حياتك، عُد خطوة إلى الوراء، وفكِّر في كيفية تفاعلك مع الموقف، وأجب عن الأسئلة التالية:
-هل تفكر بعقلانية؟
-هل سلوكك مبرر؟
-هل أفعالك تساعد أم تؤذي قضيتك؟
فإن أنتَ وفرت الوقت الكافي لتقييم نفسك، تمكنتَ من القضاء على السلوكات السلبية، وتعلمت -مع القليل من الممارسة- كيف تحول الأفكار السلبية إلى أفكار أكثر إيجابية وواقعية.
2. الاحتفاظ بمفكرة:
يمكنك العثور على الجانب المشرق حتى في أحلك الظروف؛ فكل ما يتطلبه الأمر هو القليل من التفكير.
تأكد مرة واحدة على الأقل في اليوم من تدوين شيء جيد عن يومك في مفكرتك؛ فمن خلال التركيز على النعم التي تتمتع بها، ستبدأ رؤية مزيد منها.
استخدم هذه المفكرة أيضاً لتسجيل التقدم الذي تحرزه نحو أهداف حياتك، فإن كنت تريد أن تصبح رياضياً محترفاً، فاكتب برنامج تمرين اليومي، وسترى يوماً بعد يوم مقدار التقدم الذي أحرزته؛ ثم ألقِ نظرة على المعلومات التي دونتها في مفكرتك في الأيام الصعبة، لكي تذكرك بمدى تقدمك.
3. إحاطة نفسك بأشخاص لديهم الاهتمامات نفسها:
إنَّه لمن السهل أن تشعر بالإحباط عندما تكون بمفردك، والحل هو إيجاد مجموعة دعم.
توجد مجتمعات لكل مجال يمكن أن تتصوره؛ فإن كنت كاتباً مستقلاً، فيمكن لنقابة الكتَّاب المحلية مساعدتك على صقل مهاراتك؛ وإن كنت من المحاربين القدامى فتوجد رابطة تجمع جميع مصابي الحروب وتقيم لهم نشاطات وفعاليات مختلفة في الهواء الطلق؛ وإن كنت تحب المعلومات العامة، يمكنك الانضمام إلى فريق مسابقات محلي.
4. تحديد الأهداف بدقة:
سيصبح السعي وراء أهدافك محبطاً إذا لم تمنح نفسك علامات محددة للنجاح، والحل هو وضع أرقام ثابتة لأهدافك؛ فعلى سبيل المثال: إذا كان هدف حياتك هو أن تصبح ثرياً، فما هو مقدار الثروة الذي تطمح إليه؟ هل ستكون راضياً عن مليون أم عشرة ملايين؟
ما لم تحدد مقداراً معيناً، لن تشعر أبداً بأنَّ لديك ما يكفي، ويمكنك حتى تحديد الأهداف الأكثر غموضاً؛ فقد تكون السعادة بالنسبة إليك هي تسديد ديونك وقضاء 10 ساعات على الأقل في الأسبوع مع العائلة والأصدقاء.
5. وضع الغاية في الاعتبار:
لا يمكنك إغفال الغاية من الهدف خلال السعي وراءه، فهي ما يدفعك خلال الأيام السيئة ويحفزك على الاستمرار، وقد تبدو أهدافك دونها اعتباطية؛ فإن كان هدفك المشاركة في سباق الماراثون، فما الذي يجعلك تستيقظ مبكراً كل صباح؟ هل لأنَّ غايتك هي الحصول على قوام رشيق، أم لأنَّك تريد أن تحس بالإنجاز وأنت تعبر خط النهاية؟
سيحفزك وضع الغاية في اعتبارك على الخروج والتمرن عندما لا تشعر بالرغبة في التدريب.
6. إطلاع الآخرين على تقدمك:
يُعدُّ ثناء الآخرين على نجاحك أداة قوية لتحفيزك؛ لذا حينما تخطو خطوة هامة، شارك هذا الإنجاز معهم، ولن تشعر بذلك بالرضا فحسب، بل ستصبح أكثر تحفيزاً لتخطو الخطوة التالية.
لنفترض أنَّ لديك حصة مبيعات في العمل؛ أَطْلِع الآخرين على تقدمك عندما تنجز 50٪ و75٪ و100٪ من هدفك، وشجعهم على فعل الشيء نفسه؛ ذلك لأنَّ احتفالكم معاً يشجع الفريق بأكمله على البقاء إيجابياً وتحقيق مزيد من التقدم.
7. استخدام الشعارات والعبارات التشجيعية:
تبدو عبارة "افعل ذلك" (Just do it) مألوفة للجميع، وهي أيضاً شعار شركة نايك (Nike) التي تعدُّ مثالاً ممتازاً عن العبارات التشجيعية؛ والشعار هو كلمة أو عبارة تكررها لتحفيز نفسك في الظروف الصعبة.
يستخدم الرياضيون المحترفون -الذين هم بحاجةٍ إلى الحفاظ على هدوئهم في أثناء الأداء تحت ضغط جسدي شديد- الشعارات غالباً، ولكنَّها تساعد الناس أيضاً على اجتياز الفترات المرهقة عقلياً وعاطفياً؛ لذا اجعل شعارك مفيداً وسهل التذكر، وعندما تحتاج إلى تشجيع، يمكنك أن تجهر به بصوت عالٍ أو تفكر فيه في سرك.
8. التأمل:
عندما تستحوذ الأفكار السلبية على عقلك، قد يكون من الصعب التخلص منها؛ ولكن إن حدث ذلك، جرِّب التأمل لما له من تأثير في تهدئة عقلك وتغيير نظرتك إلى المشكلات.
الأمر الجيد هو أنَّه لا مجال للخطأ في التأمل، حيث يمكنك القيام بالتأمل الموجَّه أو عزل نفسك في مكانٍ هادئ والاستماع إلى تنفسك؛ وإذا لم تكن متأكداً من أين تبدأ، حمِّل أحد تطبيقات التأمل مثل: "هيد سبيس" (Headspace) و"كالم" (Calm) و"ساتفا" (Sattva)، وستشعر بعد بضع جلسات بالتحسن لا محالة.
9. تخصيص بعض الوقت لنفسك:
قد يؤثر السعي وراء أهدافك ومحاربة هموم العالم سلباً في صحتك وسلامتك العامة، إذ يمكن للقليل من الوقت الذي تقضيه مع نفسك أن يعيدك إلى المسار الصحيح.
لا ضير في أخذ يوم إجازة، ولكن تمتع في هذا اليوم بممارسة إحدى هواياتك أو مشاهدة برنامجك المفضل أو حتى النوم لفترة وجيزة، وستكون بذلك أكثر إنتاجية عندما تعود إلى العمل.
10. الحصول على قسط وافٍ من النوم:
كم عدد الأشخاص الذين تعرف أنَّهم يبذلون قصارى جهدهم عندما لا يحصلون على قسط وافٍ من النوم؟ الاحتمالات هي صفر.
عندما تُحرَم من النوم، سيكون من الصعب التحلي بنظرة إيجابية؛ لذا مارس روتيناً ليلياً يساعدك على إبعاد أجهزتك الإلكترونية والنوم في الوقت المحدد؛ وإن كنت لا تزال تواجه صعوبة في الحصول على النوم الذي تحتاجه، فجرِّب المكملات مثل الميلاتونين (melatonin)، وتحدث مع طبيبك إذا كانت حالات انقطاع النَفَس في أثناء النوم تحرمك من النوم الهانئ.
11. التمرن بانتظام:
لا شك أنَّ التمرين هام لصحتك الجسدية، ولكن هل تعلم أنَّه ينشط عقلك ويرفع روحك المعنوية أيضاً؟
تفرز ممارسة الرياضة الإندورفين (endorphins) في عقلك، وتقاوم هذه المواد الكيميائية الألم والتوتر والاكتئاب؛ فإذا لم تكن تعيش في مزرعة على بعد ساعة من أقرب مدينة، ستجد صالة ألعاب رياضية قريبة من منزلك؛ وإن لم يكن بمقدورك دفع تكاليف عضوية الصالة الرياضية، فيمكنك ممارسة تمرينات الجمباز في المنزل، أو ممارسة الجري، أو اليوغا التي تساعدك أيضاً على تحسين توازنك وتركيزك.
12. الأكل والشرب وراحة البال:
لا يقلُّ ما تتناوله من طعام وشراب أهمية عن كل ما تبذله من جهد للمحافظة على لياقتك البدنية مثل ممارسة الرياضة والتأمل وغيرها؛ إذ يعدُّ اتباع نظام غذائي صحي مع شرب الكثير من الماء أمراً جوهرياً إذا كنت تريد أن تعمل بأقصى طاقتك، في حين يمكن للأطعمة غير الصحية والمشروبات السكرية والكحول أن تستنزف طاقتك وتضر بتقديرك لذاتك.
إذا كنت تواجه مشكلة في الالتزام بنظامك الغذائي، ضع خطة لتناول وجبات الطعام بحيث لا تأكل أكثر ولا أقل ممَّا يجب، واضبط ساعة المنبه بحيث ترسل لك رسائل تذكرك بشرب كمية كافية من الماء خلال اليوم.
13. تغيير الروتين اليومي:
قد يؤدي فعل الشيء نفسه يوماً بعد يوم إلى الشعور بالملل؛ وعندما تصبح حياتك رتيبة، قد تجد صعوبة في الحصول على الحافز أو النظرة الإيجابية؛ لذا لا تسمح لنفسك أن تكون ضحية روتين ممل؛ وإن حدث ذلك، جرب طريقة مختلفة، فقد يساعدك تغيير المسار ولو قليلاً في رؤية الأمور من منظور جديد؛ فمثلاً: بدلاً من المشي في وقت الظهيرة، يمكنك فعل ذلك قبل بدء العمل.
اتبع النهج نفسه في تطويرك المهني؛ فإن سئمت من تعلم الفيزياء، حاول أن تتعلم الرياضيات أو الكيمياء.
في الختام:
رغم كل هذه التكتيكات التي يمكنك استخدامها للبقاء إيجابياً وتحقيق ما تريده في الحياة، يمكن تلخيص أهمها في كلمتين: "لا تستسلم"؛ إذ لن يجعلك الاستسلام أقرب إلى أهدافك أو يضعك في مزاج إيجابي؛ لذا استخدم هذا الدليل للمضي قدماً بغض النظر عن مدى صعوبة الحياة.