ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب سكوت بيدجود (Scott Bedgood)؛ والذي يحدثنا فيه عن أهمية التحلي بالمرونة في الظروف القاسية والأزمات.
لقد ناقشنا وبحثنا العديد من الرحلات المختلفة خلال الصيف، وأردنا الذهاب إلى كولورادو (Colorado) لكي نتجنب حر الصيف الشديد في تكساس (Texas)؛ ولكنَّنا قررنا العدول عن هذه الفكرة بسبب مشقة السفر خاصةً بوجود طفل رضيع، فبحثنا عن مكان أقرب واخترنا قضاء الإجازة على الشاطئ في جالفستون (Galveston).
بالتأكيد، قد لا يكون أجمل شاطئ في العالم، ولكنَّه الأقرب إلينا في دالاس (Dallas) وسيمنحنا عذراً رائعاً للذهاب إلى مكان ما، وكان أهل زوجتي سيرافقوننا لمساعدتنا في رعاية الطفل.
لا يوجد كلمة تصف مقدار حماستنا آنذاك، فقد قلب وباء كوفيد-19 (COVID-19) كل خططنا في النصف الأول من حياة ابننا رأساً على عقب، وأخيراً كنا في طريقنا لأخذه إلى مكان جديد.
ثم جاء إعصار لورا (Laura)، وقبل أيام قليلة فقط من خططنا التي تقتضي ركوب السيارة والتوجه إلى الساحل؛ تغير مسار العاصفة وكانت تتجه مباشرة إلى حيث نحن ذاهبون؛ لكن ولحسن الحظ، ابتعد الإعصار عن المراكز السكانية الأكبر في منطقة هيوستن (Houston)، ولم يتسبب في أضرار جسيمة لمدينة جالفستون؛ لكن لم يكن بإمكاننا معرفة ذلك آنذاك، وكان علينا اتخاذ قرار إلغاء رحلتنا، وفي تلك المرحلة؛ كان من السهل أن تتضايق، وتستعيد أموالك من شركة السياحة وتحاول في وقت آخر.
ولكن إذا كان هناك شيء تعلمناه في عام 2020، فهو التعامل مع المصائب بحكمةٍ وروية؛ لذلك غيرنا الوجهة بسرعة، وحجزنا في فندق رائع، وشعرت بالسعادة لأنَّنا استوعبنا تلك الظروف السيئة، فقد ابتسم لنا الحظ وقضينا عطلة نهاية أسبوع رائعة مع العائلة.
في ذلك العام العسير الذي لم يَسِر فيه شيء وفقاً لأي مخطط كان؛ أصبحت المرونة واحدة من أهم السمات التي يجب امتلاكها.
فيما يلي خمسة أسباب تبين أهمية التحلي بعقلية قابلة للتأقلم:
1. عدم تلبية التطلعات يؤدي إلى خيبة أمل:
لقد تعلمنا جميعاً في عام 2020 أنَّنا لا نستطيع التنبؤ بالمستقبل، فقد أُلغيت العديد من الفعاليات هذا العام والتي لم نتخيل أبداً أنَّه يمكن إيقافها؛ فكِّر في شهري آذار ونيسان؛ ما مقدار تأثير إلغاء أحداث مثل بطولة كرة السلة، أو المؤتمرات والندوات الثقافية، أو الفعاليات والأعياد والمهرجانات المختلفة أو حتى حفلات الزفاف؟ لقد كان الألم شديداً لأنَّنا لم يسبق لنا أن مررنا بهذه الظروف من قبل في حياتنا.
والآن، ضع في جدول أعمالك الحدث التالي؛ وتوقع تقريباً أن يُلغى أو يتغير بطريقة ما، لكن لا تدعه يُسبِّب القدر نفسه من الألم الذي شعرت به في وقت سابق من العام؛ هذا لأنَّ توقعاتك قد تغيرت، فقد تعلمتَ أن تكون مرناً مع الخطط، مع أنَّك تعلمت هذا الدرس بطريقة قاسية.
إنَّ الخطط تتغير، حتى في الظروف الاعتيادية؛ لذلك لا تضع كل آمالك وأحلامك في أمر يمكن أن يتأثر بظروف خارجة عن إرادتك.
2. لا تعرف أبداً ما الذي يفوتك:
يتحلى بعض الناس بعفوية فطرية بوصفها جزءاً من حياتهم اليومية؛ ولكن بالنسبة للبعض الآخر، فإنَّ العكس هو الصحيح؛ ولكن في عام مثل هذا العام، تُعدُّ العفوية مهارة يمكن أن نستخدمها جميعاً؛ ففي بعض الأحيان تكون أكثر الخطط متعةً هي الخطط المرتجلة، ولكن كيف ستعرف ذلك إن لم تعلم ما كان سيحدث؟
لقد انتهى بنا المطاف بالذهاب إلى نيو برونفيلز (New Braunfels) لقضاء عطلة نهاية الأسبوع تلك بدلاً من الشاطئ، كنت قد زرت المنطقة عدة مرات فقط؛ لذلك كان من الممتع حقاً استكشافها، ولو كانت عائلتي قد استسلمت عندما أُلغيت خططنا الأصلية، فسنكون قد فوتنا تجربة رائعة، بالإضافة إلى ذلك، إذا نظرنا إلى الوراء الآن، نتذكر عطلة نهاية أسبوع رائعة قضيناها؛ ويمكننا أيضاً أن نتطلع إلى رحلتنا العائلية الأولى إلى الشاطئ يوماً ما في المستقبل.
غالباً ما تحدث الإجازات بهذه الطريقة؛ ففي كثير من الأحيان، تكون أكثر لحظات الرحلة التي لا يمكن نسيانها هي عندما يحدث خطأ ما، أو تضل الطريق، أو تتغير خططك وتضطر إلى الارتجال؛ ينطبق هذا على الحياة أيضاً، بالطبع، لا يُنصح دائماً بالقرارات العفوية، ومن الذكاء التمهل قبل اتخاذ قرارات هامة؛ ولكن عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات بسيطة مثل تحديد مكان تناول الطعام أو ما يجب القيام به في يوم عطلة جميل بدون تخطيط مسبق؛ امنح نفسك بعض المرونة لتجربة شيء جديد. يمكنني أن أضمن لك أنَّك ستحظى بيوم لا يُنسى.
3. يغيِّر الموقف كل شيء:
لا تسير الأمور دائماً كما تشتهي؛ لكنَّ هذا لا يعني أن تعيش بخيبة أمل طوال حياتك، فكل ما عليك فعله هو تعديل موقفك؛ أي بدلاً من رؤية كل خيبة أمل جديدة بوصفها سبباً آخر لليأس والتشاؤم، يمكنك رؤيتها بوصفها فرصةً لتجربة أمر مختلف.
في بعض الأحيان؛ لن تكون الخطط المعدَّلة كما تخيلت تماماً؛ كحفل الزفاف الكبير مع الأصدقاء والعائلة الذي اضطررت لإلغائه وتحويله إلى حفل زفاف صغير كان عليك بثه إلى عائلتك الكبيرة.
بدلاً من التركيز على السلبيات التي لن تؤدي إلا إلى يأسك وتشاؤمك، ابحث عن الإيجابيات؛ فكِّر أنَّك تزوجت أخيراً الشخص الذي تحبه، وأنَّ هناك من يقف إلى جانبك لتخوض معه هذا الوقت العصيب؛ فامتلاك نظرة إيجابية سيحافظ على استمراريتك عندما تصبح الأمور صعبة.
4. جميعنا يحب من يقدر على حل المشكلات:
لن تجد أحداً يقول في موقف صعب: "أتمنى لو كان هناك شخص آخر يشتكي"؛ إنَّ الانغماس في السلبية ليس أمراً مثمراً ولا مفيداً ولا صحياً؛ لكنَّ العودة خطوة إلى الوراء للنظر في الظروف المحيطة بك وفي خياراتك هو ما يفيدك.
هل ساعدتك الشكوى في حل مشكلة ما؟ هل سبق وأن نظرت إلى الوراء في الوقت الذي قضيته في الشعور بالأسف على نفسك وكنت سعيداً بذلك؟ لا بأس في أن تفسح المجال لنفسك للشعور بالحزن أو الانزعاج؛ لكنَّ السماح لهذه المشاعر بالسيطرة على عقلك سيؤدي إلى نتائج كارثية؛ فبدلاً من الانشغال بالإشفاق على نفسك، ابدأ التخطيط لخطواتك التالية في أسرع وقت ممكن.
يعني كونك مرناً أنَّك على استعداد للتأقلم مع المواقف وإجراء تغييرات لإيجاد حلول؛ فكِّر في الشركات والمطاعم التي تأقلمت بسرعة مع الوباء، فقد كان لديهم خياران: أن يكونوا واسعي الحيلة ومبدعين أو أن يغلقوا منشآتهم؛ لذا طبق نفس المنظور على مشكلاتك.
5. لا يمكنك التنبؤ بالمستقبل:
تنطوي طريقة استجابتك للمصائب على قدرٍ كبير من الأهمية؛ فالشعور بالضيق أو الغضب أو الحزن أو عدم القدرة على فعل شيء عندما يحدث شيء غير متوقع سيحوِّل الموقف الصعب إلى مشكلة كبيرة، ومن ناحية أخرى، ستجعل المرونةُ الحياة أسهل وأكثر قابلية للإدارة.
من الذكاء متابعة أمور مثل الاقتصاد والطقس؛ ولكن عليك أيضاً أن تتذكر أنَّ كلاهما خارج عن نطاق سيطرتك؛ فليس بإمكانك التأثير في السوق بأي طريقة كانت، ولن تستطيع منع هطول المطر؛ ولكن يمكنك حماية أصول شركتك، ويمكنك وضع خطة احتياطية لنشاطاتك خارج المنزل في حال تغيُّر الطقس، إذاً، حان الوقت لتنحية القلق جانباً.
فكِّر في حياتك: كم مرة سار كل شيء كما هو مخطط له؟ هل حصلت على كل ما تريده؟ على الأغلب لا؛ لكن هذا لا يعني أنَّ حياتك كانت فظيعة فهناك احتمال أن تكون سعيداً حتى بسبب إخفاق خطتك؛ لذلك لا تُضِع وقتك في الانزعاج من ظروف خارجة عن إرادتك.
لم يستمتع أحد بالظروف القاسية التي تحملناها جميعاً خلال هذا العام العسير؛ لكنَّ أولئك الذين يمكنهم التأقلم مع هذه الظروف هم الذين سينجحون ويكونون مستعدين لمواجهة أي ظرف قاهر قد نتعرض له في المستقبل.