وما نحاول إيصاله هنا إلى الأشخاص الذين يواجهون صعوبةً في الحصول على التحفيز، هو أنَّه لا يمكِنهم التركيز على فكرة التحفيز فحسب؛ وإنَّما يحتاجون إلى التركيز على أسلوب التحفيز الخاص بهم لمعرفة أفضل طريقة ليحافظوا على دوافعهم؛ حيث تُعَدُّ معرفة أسلوب التحفيز المناسب لك مفتاح التحفيز الدائم.
لماذا تُعَدُّ معرفة أساليب التحفيز المناسبة لك أمراً هامَّاً؟
سنتحدث في هذا المقال عن أساليب التحفيز؛ ولكن أولاً، لماذا تُعَدُّ معرفة أساليب التحفيز المناسبة لك هامةً جداً؟ نُقدِّم إليك فيما يلي بعض الفوائد والأسباب التي يجب معرفتها:
- تغيير سلوكنا: ستتغير طريقة تفكيرك وفقاً للدوافع التي تستخدمها؛ حيث يمكِن أن يثبِّط أحد الأساليب عزيمتك على الأمد الطويل، بينما يمنحك أسلوب آخر معنىً شخصياً عميقاً ويدفعك نحو المضي قدماً.
- إحساس عميق بالرضا: سيدفعك أسلوبك التحفيزي نحو تحديد الأهداف التي تهتم بها أكثر من غيرها، بحيث يتحول ذلك إلى شعور بالرضا؛ لأنَّك تمتلك الدافع لإنجاز الأهداف التي تهتم بها أكثر من غيرها.
- تنمية اهتماماتنا: إذا لم يكن لديك الحافز، فلن تقضي وقتاً في القيام بالأمور التي تهمك؛ حيث يؤدي التمتع بالحافز المناسب إلى انغماسك في ما تفعله، ويعزز اهتمامك فيه.
- تطوير الصفات التي تخدمك: تتعلق الأهداف كلها ببناء العادات؛ وعندما يكون لديك الحافز للبحث عن هذه العادات، فإنَّك تُطوِّر صفات معيَّنة، وستساعدك هذه الصفات في مواقف محددة، ولكنَّها ستخدمك أيضاً في مواقف أخرى.
تمنحك معرفة أساليب التحفيز المناسبة لك إحساساً أفضل بالوعي الداخلي، وستصبح قادراً على تحديد المشكلات وإيجاد الحافز للتعامل معها والاستمرار.
هل تعرِف أسلوب التحفيز الذي يناسبك؟
قد تمتلك العديد من أساليب التحفيز التي تناسبك، ومن خلال وجود العديد من الأساليب المتاحة لك، يمكِنك الاستفادة من الحافز من مصادر عدَّة لتعزيز العادات.
يمكِن إجراء تقييم مناسب لأسلوبك في التحفيز لمساعدتك في اكتشاف أسلوبك التحفيزي، ومن خلال تقييم أسلوب التحفيز هذا، فأنت لا تحصل على فكرة واضحة عن الأساليب التي تناسبك فحسب؛ وإنَّما ستتعلم طريقة الاستفادة من أساليب التحفيز لديك لتبقى متحمساً دائماً، كما سيُوفِّر لك التقييم تحليلاً مفصلاً لجميع أساليب التحفيز، ويساعدك على تحديد أساليب التحفيز الرئيسة والثانوية لتعرف أي أسلوب يخدمك أكثر.
دعنا نتعمق الآن في كل أسلوب من أساليب التحفيز.
التحفيز الداخلي والخارجي:
يوجد نوعان أساسيان من المحفزات ومن الضروري فهمهما وهما: التحفيز الداخلي والتحفيز الخارجي، وسيساعدك فهم هذين الأسلوبين من التحفيز؛ لأنَّك ستمتلك فهماً أفضل بحيث يمكِنك معرفة متى ستستخدم أحدهما بدل الآخر.
يأتي التحفيز الخارجي نتيجة أمور تَحدث من حولك، ومن الأمثلة على ذلك، مقاطع الفيديو على يوتيوب (Youtube)، أو المتحدثين التحفيزيين، أو ملصقات أو مقالات تلهمك؛ فأي أمر خارجي يحفزك هو محفز خارجي.
أما التحفيز الداخلي، فهو عكس ذلك، ويُعتَقد أنَّه الأفضل؛ لأنَّه ينبع من أعماقك، وأحد الأمثلة الرئيسة على التحفيز الداخلي هو وجود سبب أو موقف محدد تجاه أهدافك.
يُعدُّ كلا الحافزين هامَّين؛ وبغضِّ النظر عن كون أحدهما أفضل من الآخر، إلا أنَّه توجد مواقف محددة يمكِن أن تَظهر فيها فوائد هذين النوعين وكذلك عيوبهما.
أساليب التحفيز الثمانية:
تندرج أساليب التحفيز هذه ضمن هذين النوعين الرئيسين من المحفزات.
يتضمن التحفيز الداخلي:
1. التحفيز الفيزيولوجي:
يَحدث هذا الأسلوب التحفيزي بطريقة خارجة عن إرادتنا، ويُعدُّ هذا النوع من التحفيز أساسياً ولا يمكِننا تجاهله مهما حاولنا جاهدين، ويرتبط هذا النوع من التحفيز بالظروف السائدة ويشمل على الأرجح احتياجاتك الأساسية.
يوضِّح تسلسل ماسلو الهرمي للاحتياجات (Maslow’s hierarchy of needs theory) هذا الأمر، ويُعدُّ مثالاً جيداً على هذا النوع من التحفيز في العمل، وتنصُّ النظرية على أنَّنا جميعاً متحمسون لتلبية احتياجاتنا الأساسية في الحياة مثل: الطعام والمسكن، وكذلك تلك الاحتياجات النفسية عالية المستوى والاحتياجات المرتبطة بتحقيق الذات، فنحن نمتلك جميعاً هذا النوع من التحفيز من الأساس.
2. التحفيز المرتبط بالإنجاز:
ينبع هذا النوع من التحفيز من إنجاز مَهمة أو هدف في حد ذاته، وهذا لا يعني بالضرورة أنَّ الحافز الوحيد هو المكافأة، وبدلاً من ذلك، تجد الحافز من خلال هذه العملية، فأنت تستمتع وتجد التحفيز الداخلي من خلال المرور بخطوات محددة وإحراز تَقدُّم صغير أو كبير في حياتك.
ومن الأمثلة على ذلك فقدان الوزن؛ فالشخص الذي يُحفِّزه الإنجاز هو الشخص الذي يَشعر بالسعادة في أثناء الوقوف على الميزان ورؤية وزنه يتناقص، وقد لا يحقق الوزن المطلوب، لكنَّ فكرة فقدان الوزن بحد ذاتها مُلهمة.
3. التحفيز المرتبط بالمواقف:
هو شكلٌ آخر من أشكال التحفيز الداخلي هو التحفيز المرتبط بالمواقف، ويَحدث هذا النوع نتيجة رغبتك في تغيير طريقة تفكيرك وشعورك أنت والآخرين، حيث يتفوق الأشخاص الذين يمتلكون هذا النوع من التحفيز في المشاركة في الإجراءات والتفاعلات لتشجيع الأشخاص من حولهم، وتقديم الكلمات والأفعال التي تجعل الآخرين يشعرون بالتحسن أو البهجة.
ومن الأمثلة على ذلك المتحدثون التحفيزيون؛ حيث يُعدُّ هذا النوع من التحفيز خارجياً بالنسبة إلى الأشخاص من حولهم، لكنَّ هذا الشعور الإيجابي والمبهج هو الذي يحثُّهم على الصعود إلى المسرح، وتصوير مقاطع الفيديو، وتقديم محتوىً تحفيزياً في المقام الأول.
4. التحفيز المرتبط بالكفاءة والتعلم:
يسمى أيضاً الدافع للتعلم، ويُركِّز على العملية أكثر من نيل المكافأة. فكِّر في الأمر على أنَّه تحفيز مرتبط بالإنجاز، ولكن كل ما يهم هو العملية والتعلم، حيث يتعلق هذا النوع من التحفيز بالتحسُّن وإيجاد الحافز من خلال تحقيق التقدم نحو إنجاز الأهداف أو المهام.
من بين أساليب التحفيز الداخلي، يُعدُّ هذا الأسلوب هو الأثمن؛ فهو النوع الذي ستختبره عندما تعمل على تحقيق أي هدف أو مَهمة في حياتك، وكل تَقدُّم تُحقِّقه سيدعمك؛ وكما ذكرنا سابقاً، الأمر أشبه بالتفكير بفقدان الوزن في أثناء وقوفك على الميزان.
يتضمن التحفيز الخارجي:
5. التحفيز المرتبط بالتشجيع:
بالانتقال إلى التحفيز الخارجي، فإنَّ أبرز الأساليب هو التحفيز المرتبط بالتشجيع، ويعني هذا النوع هو أنَّك تجد التحفيز في النتائج أو المكافآت التي تحصل عليها، وليس في العملية أو إنجاز الهدف أو المَهمة.
ومن الأمثلة على ذلك: التسجيل للمشاركة في سباق الماراثون؛ ولأنَّك تريد الفوز، ستتدرب بجدٍّ كل يوم حتى تمتلك احتمالات أكثر للفوز، وكمثالٍ آخر: الدراسة من أجل الاختبار؛ وذلك لأنَّك تريد الحصول على أعلى علامة في الفصل الدراسي.
6. التحفيز المرتبط بالخوف:
التحفيز المرتبط بالخوف هو إيجاد التحفيز من خلال دفع نفسك نحو الشعور بالخوف أو مواجهة وضع غير مريح، ونظراً لذلك، سيكون التأثير الخارجي أمراً سلبياً، ولكنَّه فاعل، على سبيل المثال: ستجد القدرة على العمل لساعات إضافية، لأنَّ الخوف من عدم قدرتك على دفع فواتيرك سيشعرك بعدم الارتياح، كذلك يمكِن أن يُوفِّر لك شعور الخوف من عدم قدرتك على الدفع حافزاً يساعدك على المضي قدماً.
يمكِن أيضاً أن يدفعك الخوف نحو التصرف بإيجابية؛ على سبيل المثال: لنفترض أنَّ أمراض القلب تنتشر في عائلتك، حيث يمكِن أن تقودك هذه الحقيقة إلى ممارسة الرياضة بصورةٍ متكررة والحفاظ على صحتك البدنية.
7. التحفيز المرتبط بالقوة:
إنَّ الأشخاص الذين تحفِّزهم القوة هم أشخاص مدفوعون برغبتهم في السيطرة على حياتهم، وقد يصل بهم الأمر إلى السيطرة على حياة الآخرين أيضاً، كما يرغب الجميع في أن يمتلكوا القدرة على اتخاذ الخيارات، وإذا مُنِحتَ المزيد من الخيارات؛ فستجد هذا الحافز يَظهر في حياتك.
ومن الأمثلة على ذلك: اختيار نوع الاختصاص الدراسي أو المهنة التي ترغب في السعي من أجلها، حيث يُوفِّر هذا الأمر حافزاً فاعلاً؛ لأنَّه يتطلب منك أن تكون متعمِّداً بأفكارك وأفعالك، ويسمح لك بتحقيق الحياة التي تريد أن تعيشها.
8. التحفيز المرتبط بالانتماء والمجتمع:
أسلوب التحفيز الأخير هو التحفيز المرتبط بالانتماء والمجتمع؛ وهذا النوع من التحفيز موجود داخلنا أساساً، فهو ينبع من رغبتنا في التواصل والمساهمة ضمن مجموعات اجتماعية. عند التفكير بعمق في هذا الأمر، ستجد أنَّ الحافز يرتبط برغبتك في القبول والانتماء إلى مجموعات معيَّنة.
الخلاصة:
ربما حصلتَ في هذا المقال على فكرة عن أساليب التحفيز التي تناسبك، فعندما تدرك الأمور التي تحفزك، ستتمكن من التحكم في حياتك، وستكون قادراً على تغيير نفسك بصورةٍ أفضل والتقدم من خلال هذا التغيير. بالإضافة إلى ذلك، ستمتلك إحساساً عميقاً بالرضا، وتُحدِّد الأمور التي تَهمُّك، وسيكون لديك في النهاية عادات تساعدك على النمو.