بحث عن

تطوير الذات / تحقيق الذات / مشاركة المعرفة / تنمية بشرية / المسؤولية / الانسان /

مشاركة المعرفة: بين تحقيق الذات والتعبير عن وجودنا الإنساني

مشاركة المعرفة: بين تحقيق الذات والتعبير عن وجودنا الإنساني  - ازدهار ezdehar

تتطور حياتنا بناءً على التغيرات الدقيقة التي نحدثها ويحدثها الأشخاص والأشياء من حولنا. تقاطعنا الحياة في صفحاتها بأشخاص تربطنا بهم علاقات إنسانية، حيث نتفاعل معهم كضرورة حياتية بهدف التواصل والتعبير عن وجودنا ولتلبية حاجاتنا أيضًا التي غالبًا ما نحتاج الآخر ليتم تغذيتها وإشباعها. وذلك إما عن طريق الموارد التي يمتلكها أو من خلال مساهمته العملية في الإنتاج وتقديم الخدمات، لتختلف هذه العلاقات وتتنوع باختلاف غايتها الإنسانية.

فكل علاقة تُلزمنا بمساحتها وحدودها وطبيعة ونوع ما نتبادله ونتقاسمه مع الطرف الآخر. وكل فرد منا يحاول التعبير عن ذاته وإظهار جوهره وتميزه عن غيره، انطلاقًا من محاولة تجاوز العراقيل الداخلية والخارجية، وصولًا إلى التحكم في المؤثرات التي تَحُول بينه وبين تحقيقه لذاته. هذه الذات التي من خلالها يجد الإنسان معنى لحياته بعيدًا عن الفراغ الوجودي الذي قد يفقد فيه الشخص بوصلته ليتوه في وهم الحياة ويجد نفسه فجأة على هامشها.


إن بحثنا عن الحقيقة يدفعنا إلى مشاركة غيرنا ما قد نحصله معرفيا، وذلك لخمسة أسباب:

1.مسئولية مشاركة المعرفة وتطويرها



يولد الإنسان جاهلًا ليبدأ رحلته في الحياة باحثًا عن المعرفة، معرفة نفسه أولًا والعالم الذي وجد فيه ثانيًا، لأن الإنسان لا يعي وجوده وحقيقته إلا عندما يتصل بذاته وكذا بتواصله مع محيطه، لذلك فحاجتنا للمعرفة هو بحد ذاته حاجة للحقيقة، وهذا ما يدفعنا للبحث عن سبل جديدة وصحيحة توصلنا نحوها (حسيًّا أو عقليًّا)، فحقيقة وجودنا ليست مُعطى جاهزًا، والتي نتقاسم نحن والآخر مسئولية البحث فيها وعنها على حد سواء، وذلك من أجل فهم طرق العيش الصحيحة التي تتناسب مع المعنى الوجودي للحياة.

طرقٌ تدفع الفرد للارتقاء إنسانيًّا معبرًا عن وجوده في أفضل نسخة منه، وكذا من أجل فهم كيفية إعداد محيطنا الذي ننمو فيه، والذي من الواجب علينا تهيئته حتى يصبح ملائما لنا لممارسة مسئولياتنا وتلبية احتياجات تطورنا وارتقائنا في مجتمع متوازن يضمن مستقبلا أفضل للإنسان.

فهذه المعرفة الوجودية التي خلقنا لنبحث فيها عن الحقيقة، تساعد كل منا على معرفة دوره الإنساني وقيمته الوجودية، رغم أن معرفتنا تظل غير كاملة وتحتاج دائما إلى التبلور، كما هو الحال أيضًا بالنسبة للحقيقة التي تظل نسبية، تابعة لدرجة وعينا وإدراكنا واستيعابنا وفهمنا لما أثار انتباهنا مسبقًا وما اكتسبناه من معرفة.

2.مسئولية التحقق المعرفي



أفكارنا تشكّل رؤيتنا للعالم، وتؤثر على واقعنا وكيفية بناء مبادئنا ومعاييرنا ومعتقداتنا التي تؤطر سلوكنا الإنساني في المجتمع، وسط كثير من المجهول وقليل من المعلوم الذي لا نعلم سلامته وحقيقته؛ لأن رؤيتنا تظل جزئية ونسبية، وغير سليمة ما لم يتم التحقق منها، أولًا/ بتعريضها للنقد ذاتيًا والتشكيك فيها منهجيًا، ثانيًا/ بوضعها عرضة للنقاش، حتى تناقش برؤى مختلفة وتُتْرك لتُصارِع الاختلاف في عقول الآخرين، فلكل شخص رؤيته الخاصة.

ما نبحث عنه حقًا من خلال التشكيك والنقد، هي تلك المتناقضات، والأسئلة الجديدة، والثغرات الفكرية لم نلحظها قبل، فالفكرة السليمة هي تلك الفكرة التي كلما ازداد التشكيك فيها، ازدادت قوة وتشعبًا وصارت أكثر وضوحًا، لا أن تتفكك أسسها فتندثر. وبهذه الطريقة والعملية نسير نحو بناء رؤية شبه شاملة، تلامس اليقين وتقبل النقد.


3.مسئولية تنمية المحيط


كثيرة هي المواقف التي يجد فيها الإنسان محيطه عائقًا يحول بينه وبين تقدمه في الحياة، وكم هم كثيرون من ينتظرون تغير هذا الأخير يومًا مًا، دون تحمل الفرد لمسئولياته اتجاه محيطه وباقي الأفراد من مجتمعه، لأن التغيير يبدأ من الداخل لينتقل تأثيره إلى الخارج على شكل سلوكيات وأفكار إيجابية تلقح فيها ثقافة المحيط والعقل الجمعي للمجتمع، فالفرد يؤثر في محيط بتأثيره في الآخرين كما يتأثر بهم كذلك، وهذا ما يجعله مُؤثِّرا ومُتأثِّرًا بمحيطه.


وبما أن الإنسان اجتماعي بطبعه، ومجبول بفطرته على التواصل، الشيء الذي يساعد الفرد على الاندماج كفاعل في مجتمعه، من خلال تواصله المستمر والمتنوعِ مع محيطه الإنساني والاجتماعي، فإن مسئولية هذا الفرد اتجاه محيطه الذي ينتمي إليه، هو أن يحمي نفسه ومحيطه من أفكاره السلبية، والتي وجب اجتناب أثرها السلبي، لأن تفعيلها سيؤثر على محيطه وعليه، والغاية من ذلك هو إنتاج أفكار ذات نوعية وجودة عالية.


4.الحاجة للتنمية البشرية


بناء الذات يخضع للمعايير السائدة في المجتمع، عن طريق الخبرات التي تنمو من خلال تفاعل الإنسان مع محيطه الاجتماعي، لذلك فبناء المحيط الاجتماعي من بناء الإنسان، الأمر الذي يساهم في إعداد مجتمع متفاعل إيجابيًّا وإنسانيًّا. وهنا تظهر أهمية التنمية البشريّة في إعداد حياة اجتماعية، مادية وصحية جيدة، كما تظهر أهميتها أيضا في المساهمة في زيادة انتشار المعرفة التي تُساهم في ارتقاء الفرد إلى مستوًى حياتيٍّ متقدم.


لذلك فمسئوليتنا كأفراد بما أننا ننتمي إلى المجتمع نفسه هو أن نتضامن ونساهم بنشاط في إغناء هذا الأخير بأفكارٍ منتقاةٍ ونافعة تساعد في بناء مجتمعٍ يحقق لنفسه عددًا كبيرًا من الخيارات، التي سنحاول ترسيخها بتفعيلها ونقلها للغير في نشاطاتنا الاجتماعية، حتى تحاصر الأفكار القديمة وتعوضها، محاولين بذلك تحديث عقل المجتمع.

5.الحاجة إلى تحقيق الذات والتعبير عن وجودنا الإنساني


كل منا يحاول أن يجد لنفسه مكانًا وسط هذا العالم، مكانًا يستطيع الفرد التعبير فيه عن ذاته وعن وجوده، وتحديد مهمته وأدواره وباقي مسئولياته وواجباته في الحياة، وكل هذا يدفعه كإنسان مدرك لوجوده إلى تحقيق ذاته، وذلك باكتشاف وتطوير أقصى ما يمكن تطويره من مهارات وقدرات شخصية، واستخدام ذلك بطريقة إنسانية تصب في صالح خدمة الفرد والمجتمع.

لذلك فالمشاركة النافعة عطاء وحاجة، حاجة لأنها تساعد الفرد على التعبير وتحقيقه لذاته وسط محيطه الذي ينشط فيه، وبتحمله جزءا من مسئولية المساهمة في تنميته. وعطاء لأنها تعتبر استثمارًا، ونعلم أن لكل استثمار ثماره، وثمار العطاء كثيرة، من بينها شعور الشخص بقيمته التي يدركها حين تتاح له فرصة ممارسة العطاء من أجل الغير، مما يضفي معنى لحياته، وتركه بصمة نافعة الأثر، لذلك يعتبر العطاء وجها من أوجه التعبير عن وجودنا الإنساني.







انضم الينا الى صفحتنا على الفيس بوك من هنا

المواضيع المتميزة

احدث المقالات

الاكثر اعجابا